أصلها المذكور في القرآن العظيم وهو (الغول) وإذ كان حرف الغين لا يوجد باللغة الأجنبية، فقد قلبوها كافا، ونحن بدل من أن نقلب هذه الكاف غنيا ونعيدها لأصلها قلبناها حاء فصارت الكحول، وحتى الآن ينطقون بها. وإنما سماه الله تعالى (غولا) في قوله جل قوله (لا فِيها غَوْلٌ) الآية ٤٧ من الصّافات ج ٢ لأنه يذهب العقل، أي ليس فيها ما يذهب العقل ويغتاله كخمرة الدّنيا، راجع تفسير الآية ٦٨ من الصّافات أيضا تجد الفرق بين خمر الدّنيا وخمرة الآخرة التي يقول فيها ابن الفارض:
وفي سكرة منها ولو عمر ساعة ... ترى الدّهر عبدا طائعا ولك الحكم
وقال:
على نفسه فليبك من ضاع عمره ... وليس له فيها نصيب ولا سهم
واعلم أنه كلما ازدادت كمية الغول فيها ازداد ضررها وعظم شرها، وقد يتعرض شارب الخمر أحيانا إلى القيء والصّداع المؤلم ويصحبه التهاب معدوي حادّ وما قيل أن قليل الخمر يزيد في قوة التفكير لا صحة له، بل تقلل الذكاء وتضعف القوة المفكرة لأنه ينافض الواقع، وذلك أن من يهاب الإقدام على أمر أو لا تواتيه شجاعته على عمل في حالة الصّحو يقدم عليه في حالة السّكر، وهذا الإقدام في الظاهر يكون لعدم إدراكه عاقبة الأمر، فهو يفعله عن قلة عقل لا عن عقل، ومقدرته حالة السّكر دون مقدرته حالة الصّحو وقوته كذلك، ألا ترى السّكران تلعب به الجهال وبمجرد دفعة بسيطة يقع على الأرض بخلاف ما لو كان صاحيا، وذلك لأنه ينقص من قوة الاحتمال الجسماني كما ينقص من قوة الإدراك العقلي، ومما هو مشاهد ان متناول الخمرة يكون قليل النّشاط حاملا لأن قوة الجسم على مقاومة التغيرات الجوية ومقدرته على ضبط درجة حرارته تضعف من تأثير الخمر، فكثيرا ما أودت ضربة الشّمس بحياة كثير من مدمني الخمر. هذا، ومن جملة أضرار الخمر الالتهاب المزمن في الحنجرة والمعدة وقد يصاب الكبد بنوع من هذا الالتهاب المزمن ويسمونه (سروزس الكحول) وهو مرض يكثر عند مدمني الخمر، وكثيرا ما يؤدي إلى الموت إذا انحبست الدّودة اليابية في الكبد، لأن