للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شدة حرافته تهري هذه الأعضاء مع الرّئة أيضا فيحصل له الموت آنيا كالمسلول المنتهي. وقد ثبت طبا أن أعمار مدمني الخمر وقدرتهم على مقاومة الأمراض أقل بكثير من غيرهم، وقد جرب هذا في طائفة من الأرانب واتضح أن مقاومة الطائفة التي ألفها شراب الخمر مع الماء لهذا المرض اقل بكثير من مقاومة طائفة الأرانب التي لم يعطوها ذلك وأقل أعمارا منها وثبت أيضا أن نسل مدمني الخمر أضعف من غيرهم، وإن القلب يتأثر من كثرة الغول، وإن إدمان الشّرب يصلّب الشرايين بحالة قد تقضي إلى الموت. وثبت أيضا أن مدمن الخمر معرض لمرض عصبيّ يسبب الموت بأول صدمة ويسمّونه (ولربم ترنز) وقد يؤدي هذا المرض إلى الرّعشة والهذيان وقلة النّوم، بل يفضي لعدمه، وإذا لم يسارع إلى التداوي فإنه يجره إلى الموت المقدر له على ذلك، وقد يعتريه هذا المرض لعدم حصوله على ما يكفيه من الشّرب الذي اعتاده، أجارنا الله، لأنه كلما زاد من الشّراب تخرقت تلك الأعضاء الكريمة، فيحتاج إلى ملئها ومتى ما نقّص فرغت تلك الحروق، فيحتاج إلى أن يشرب أكثر من معتاده لملئها، إذ قد يفضي فراغها إلى وقف الدّم فتبطل حركته فيحصل الموت وهلة. وما قيل أن الخمر تدفىء الجسم حتّى يكاد شاربها يتصبب عرقا من الحرارة فهو قيل عار عن الصّحة، لأن المشاهدات الطّيبة والعادية أثبتت خلاف هذا، وعدم فائدة الجسم بالتدفئة، لأن هذه المسألة عرضت على بساط البحث في المؤتمر الدّولي التاسع عشر في بلجيكا، وظهر أن تأثير الخمر الظاهر في تدفئة الجسم عقيب تناولها إنما هو شعور كاذب، إذ يعقبه انخفاض في درجة حرارة الجسم حتى عن حالته الطّبيعية، وقد أثبت هذه الحقيقة بصورة جلية المشاهدات الحسية في جزيرة (ايسلندا) التي هي من أشد البلاد بردا، وقد كثر بين أهليها الوفيات لدرجة عظيمة وتبين أن السّبب في ذلك استغناؤهم عن مكافحة البرد بشرب الخمر الذي سبّب صعود الدّم بتأثير الغول من داخل الجسم إلى سطح الجلد فأبادته برودة الجو تدريجا وانتهت الحياة بانتهاء الحرارة من الجسم. وهذا كمن يستعمل المقويات للجماع فإن ما يراه من القوة الحسية منحوتة من دمه بسبب تلك المقويات لا منها، وهؤلاء كثيرا ما يفلجون أو يموتون فجأة. ومما يؤيد هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>