للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داخلا فيه ويذبح هناك ويتصدق به إن شاء. قالوا تفيد الآية أن المثل القيمة لا العين، لأن التقويم مما يحتاج إلى النّظر والاجتهاد دون الأشياء المشاهدة، ولأن المثل المطلق في الكتاب والسّنة والإجماع مقيد بالصورة والمعنى أو بالمعنى لا بالصورة أو بالصورة لا بالمعنى، ولأن القيمة أريدت فيما لا مثل له اجماعا فلم يبق غيرها إجماعا مرادا، ولا عموم للمشترك، إلا أن قوله تعالى من النّعم يوجب المثل لا القيمة، وهو ظاهر القرآن، ولا موجب للانصراف عنه. أما إذا أتلف شيئا لا مثل له من النّعم فيصار إلى القيمة حتما. قال تعالى «أَوْ كَفَّارَةٌ» على الصّائد عند عدم القدرة على أداء المثل أو القيمة وهي «طَعامُ مَساكِينَ» بقدر الكفاية لكل مسكين نصف صاع «أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً» بما يقابل الإطعام لعدم قدرته عليه فإنه يصوم عن كلّ نصف صاع يوما واحدا، وهذا الجزاء الذي رتبه الله تعالى على المخالف في الدّنيا «لِيَذُوقَ وَبالَ» عقابه وجزاء «أَمْرِهِ» جرمه الذي اقترفه في عدم امتثاله أمر الله هذا إذا وقع بعد التحريم، أما ما كان قبله فقد «عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ» منكم من الاقدام على الصّيد في الحرم مطلقا سواء كان محرما أو غير محرم لأن الله تعالى لا يعاقب على ما لم يأمر به عند مخالفته كما أنه لم يعاقب على فعل الصّيد خارج الحرم أو المحرم حال الإحرام «وَمَنْ عادَ» بعد أن صاد وكفّر عن فعله فصاد في الحرم أو حال الإحرام «فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ» في الآخرة انتقاما عظيما «وَاللَّهُ عَزِيزٌ» بالغ القوة والعظمة «ذُو انْتِقامٍ» (٩٥) شديد فظيع ممن عصاه إذا لم يعف عنه. وتفيد هذه الآية أن لا كفارة في العود على المخالفة يعني أن من صاد وكفّر عن ائمة ثم صاد ثانيا حال الممنوعية لا تكفيه الكفارة ولا تطهره، لأن عوده بعد النّهي جريمة اقترفها باختياره تطاولا على الله تعالى، لأن عوده يعد جرأة عليه تعالى وعدم مبالاة بالكفارة التي أوجبها عليه، والله تعالى يغتاظ من عدم مراعاة حرماته. هذا، والحكم الشّرعي كذلك، والكفارة هنا على التخيير أيضا، فإن شاء ذبح من النّعم مثل الصّيد وتصدق به على مساكين الحرم، وإن شاء قوم المثل دراهم وأنفقها، أو قوم الدراهم طعاما، وتصدق به، وإن شاء صام عن كلّ نصف صاع يوما واحدا. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>