للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شدد العقوبة على مرتكبها كما شددها على بني إسرائيل، وإذ مسخهم قردة وخنازير ولكن الله لطف في هذه الأمة المحمدية ورفع عنها المسخ الظّاهري حرمة لنبيها صلّى الله عليه وسلم. قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ» أيها المحرمون مناوئا أمر الله «مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ» في الدّنيا أن يتقرب إلى الله تعالى «مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ» أي مثل الذي صاده في الخلقة والجثة، وإذا لم يكن له مثل فمثل قيمته. واعلم أن مثل النعامة الجمل، ومثل حمار الوحش البقرة، ومثل الضّبع الكبش، ومثل الظّبي الشاة والأرنب السّخل والضّب السّخلة واليربوع الجفيرة وهي التي بلغت أربعة أشهر من ولد الشّاة والجفر الذكر، ومثل الحمامة وكلّ ما عب وهدر من الطّيور كالفاخقة والقمري وذوات الأطواق شاة، وما سواها من الطّير ففيه القيامة بالمكان الذي أصيب فيه، وهذا الحكم عام. وما قيل أن سببه أبو اليسر كأن شد على حمار وحش وهو محرم فقتله على فرض صحته لا يخصصه فيه ولا يقيده به، فهو حكم مطلق عام إلى يوم القيامة، وعليه فلا يحل الصّيد ولا التقيد ولا التعرض له مادام الرّجل محرما وفي الحرم ولو غير محرم، والمرأة كذلك. روى البخاري ومسلم عن أبن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال خمس من الدّواب ليس على المحرم في قتلهن جناح الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور.

ورويا عن عائشة مثله. ويستفاد منه أن لا شيء في قتل السّباع من البهائم الضّارية قياسا على الكلب العقور كالذئب والنّمر والفهد وغيرها، ولا الحشرات المضرة كالحيّة والرّتيلة وغيرها. وظاهر القرآن أن الصّيد خطأ لا جزاء فيه، وبه قال سعيد ابن جبير، وعامة الفقهاء والمفسرين على خلافه على أن الحق والله أعلم معه إذ لا قياس في الكفارات، ولأن الله تعالى خصه بالتعمد صراحة، والمخطئ غير المتعمد فكيف يوجبه عباده، وقد جاء في الحديث الصّحيح عنه صلّى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه، فلماذا نوجبه نحن؟ قال تعالى «يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ» إذا اختلفتم في مثله عينا أو قيمة، فحكموا أيها المسلمون العادلين منكم بذلك وافعلوا ما يحكمان به وسوقوه «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ» وأصلا إلى الحرم

<<  <  ج: ص:  >  >>