وتتعاقدوا بعضكم مع بعض وتعملوا كلّ ما تريدون من خير أو شر «وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ» أيها الكافرون والمنافقون مهما كنتم ومهما التف إليكم ممن هو على شاكلتكم وما جمعتموه من عدة وعدد «غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ» ولا فائتين أمره، فهو غالب لكم وقاهركم لأنكم عاجزون أمام عظمته خائبين مخزيين مهما كنتم «وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ»(٢) أجمع ومن والاهم على كفرهم لا محالة، وناصر المؤمنين عليهم. وفي هذه الآية إشارة إلى دعوتهم للإسلام إذ أخبرهم بمصير الباقين على كفرهم ثم إن رسول الله صلّى الله عليه وسلم على أثر نزول هذه الآية العظيمة أعلن إلى جميع المعاهدين معه أن من كانت مدة عهده أقل من هذه المدة التي ضربها الله تعالى رفعه إليها، ومن كانت معاهدته أكثر حطه إليها، ومن كان عهده دون أجل أجله بها، وذكر لكل منهم انه بعد انقضاء هذا الأجل فكل من يبقى على كفره يكون محاربا لله ورسوله، وإنه يقتل حيث أدرك، ويؤسر ويسبى وتنهب أمواله وأملاكه ولا ينجيه من القتل إلّا ان يسلم ويتوب من كفره ونفاقه ويخلص إيمانه لله تعالى ويصدق رسوله عن يقين صادق طوعا ورضاء وهذه الآية العظيمة نزلت في غرة شوال السّنة التاسعة من الهجرة، والمراد بالبراءة هنا انقطاع العصمة تقول برئت من فلان إذا قطعت العصمة بينك وبينه ولم تبق بينكما علاقة ما، وتباعد أحدكما عن الآخر فلم تبق بينكما مناسبة ولا رابطة، وهي كناية عن الإنذار بالحرب ومن هنا أخذت الحكومات عادة قطع المناسبات بسحب السّفراء من الدّول المخالفة لها عند إرادة حربها قبل أن يبادروها بالحرب ثم يتقدموا لها بالإنذار. وقيل ان الخطاب لحضرة الرّسول وأصحابه الكرام لأنه هو الذي عاقد المشركين، وأصحابه عالمون راضون بما عاهدهم به موافقون عليه والرّاضي بالشيء الموافق عليه كفاعله قال تعالى «وَأَذانٌ» إعلام وبلاغ وإخطار وإنذار «مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ» عامة وقع من الله تعالى وأنزله على رسوله ليذيعه عليهم «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ» يوم عرفة التاسع من ذي الحجة السّنة التاسعة من الهجرة ليطلع عليها العام والخاص وليذيعه كلّ من يسمعه على بلاده وغيرهم، ولا أعظم من هذا الجمع المجمّع من أنحاء البلاد والقرى والأمصار فلا يبقى أحد إلّا وبلغه هذا الإنذار الخطير وسمي