للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدوان

، وحاشاه فى ذلك، لأنه متوكل على ربه في جميع أحواله وأقواله، عالم بأن الكثرة لا تغني من الله شيئا، متيقن أن النّصر والمعونة من الله وحده لا بكثرة ولا بقلة، وكذلك أخطأ من ألصق هذه التهمة بأبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه إذ يبعد صدورها من مثله ولا يتصور وقوعها منه وهو على ما عرف عليه من اليقين الكامل والتوكل الخالص، ويكفي هذا القول وهو أن ما قاله ابن الجوزي المار ذكره آنفا، وهو إن صح عنه في بعض مخالفاته التي نقلها عنه أتباعه ممن لا يوثق بكلامهم، روى البخاري ومسلم عن أبي إسحق قال جاء رجل إلى البراء فقال أكنتم وليتم يوم حنين يا أبا عمارة؟ فقال أشهد على نبي الله ما ولى، ولكن انطلق أخفّاء من النّاس حسرا (أي ليس عليهم سلاح، ويقال عزلا فيمن لا سلاح لهم، وحسرا لمن كان لديهم بعض السّلاح ولا دروع لهم، والأخفّاء (الموسوعون الّذين ليس لهم ما يعوقهم) إلى هذا الحي من هوازن وهم قوم رماة فرموهم برشق من نبل كأنها رجل من جراد، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأبو سفيان بن الحارث رئيس الطّلقاء يقود بغلة، فنزل ودعا بما دعا موسى عليه السّلام يوم انفلاق البحر، وهو اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وبك المستغاث، وأنت المستعان، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلّا بك.

واستقر وهو يقول:

أن النّبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

اللهم أنزل نصرك، زاد أبو خيثمة ثم صفهم. وروى مسلم عن العباس بن عبد المطلب قال شهدت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلم نفارقه، ورسول الله على بغلة بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي، فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين، فطفق رسول الله صلّى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار، قال ابن عباس وأنا آخذ بلجام بغلته أكفّها إرادة أن لا تسرع، وأبو سفيان آخذ بركاب رسول الله، فقال صلّى الله عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السّمرة، فقال عباس وكان رجلا صيّتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السّمرة، أي الشّجرة وإذا كانت هي المراد فتكون والله أعلم هي

<<  <  ج: ص:  >  >>