الشجرة التي بايعه الأصحاب تحتها يوم الحديبية، وفي رواية قال يا أصحاب سورة البقرة هذا رسول الله، فتراجع القوم، قال فو الله لكان عطفهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها، فقالوا لبيك لبيك، قال فاقتتلوا والكفار وكانت الدعوة في الأنصار يقولون يا معشر الأنصار، قال ثم قصرت الدّعوة على بني الحارث بن الخزرج، فقالوا يا بني الحارث بن الخزرج، فنظر رسول الله وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال صلّى الله عليه وسلم هذا حين حمي الوطيس أي اشتد الحرب وهذه كلمة لم تسمع قبل نهي من مقتضياته وإنشائه صلّى الله عليه وسلم، والوطيس التنور، قال ثم أخذ صلّى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب الكعبة أو ورب محمد، قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى، قال فو الله ما هو إلّا أن رماهم بحصياته فما زلت أرى حدهم كليلا لا يقطع شيئا وأمرهم مدبرا.
وروى مسلم عن سلمة بن الأكوع قال غزونا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلم حنينا، قال فلما غشوا رسول الله نزل عن بغلته ثم قبض قبضة من تراب الأرض ثم استقبل به وجوههم وقال: شاهت الوجوه، فما خلق الله منهم إنسانا إلّا ملاعينه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، فهزمهم الله بذلك، وقسم رسول الله غنائمهم بين المسلمين. وروي أن رجلا من المشركين قال لما التقينا وأصحاب محمد لم يقضوا لنا حلبة شاة، فسقناهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء أي رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فتلقانا عنده رجال بيض الوجوه حسان، فقالوا لنا شاهت الوجوه فانهزمنا، وهؤلاء الجنود الّذين ذكرهم الله تعالى في هذه الآية وقد سبق أن ذكرنا أن الملائكة لم تحارب مع رسول الله إلّا يوم بدر، وفي غيره تكون مددا لتكثير سواد المسلمين وهو الصّحيح كما أشرنا إليه في الآية ١٢ من سورة الأنفال المارة، وقول هذا المشرك يؤيد عدم قتالهم، إذ اقتصر فيه على القول الذي سمعه منهم، فلو كان هناك قتال لذكره في هذه الرّواية، لأنه يقول راويها تلقانا رجال يقولون كذا وكذا، ولم يقل حاربونا أو رمونا أو غير ذلك. وروى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك أن أناسا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله يعطي رجالا من قريش المئات