من الإبل، فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا، وإن سيوفنا لتقطر من دمائهم. قال أنس فحدث بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم في قولهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله فقال حديث بلغني عنكم، فقال له فقهاء الأنصار أما ذو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال صلّى الله عليه وسلم إني لأعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أفلا ترضون أن تذهب النّاس بالأموال، وترجعون إلى رحالكم برسول الله؟ فو الله ما تنقلون به خير مما ينقلون به، قالوا بلى يا رسول الله قد رضينا، قال فإنكم ستجدون بعدي أثرة (حالة غير مرضية تتأثرون فيها بحيث يؤثّر وغرها في قلوبكم، وتطلق هذه الكلمة على المكرمة المتوارثة وليست مرادا هنا) شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله على الحوض، قالوا سنصبر. ورويا عن عبد الله بن زيد بن عاصم قال لما أفاء الله على رسوله يوم حنين قسم في النّاس في المؤلفة قلوبهم ولم يعط الأنصار شيئا فكأنهم وجدوا إذا لم يصبهم ما أصاب النّاس، فخطبهم فقال يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالا فهداكم الله بي، وكنتم متفرقين فألفكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي، كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله آمنّ، قال فما منعكم ألا تجيبوا رسول الله كلما قال شيئا، قالوا الله ورسوله أمّن. قال لو شئتم لنلتم جئتنا كذا وكذا (أي وحيدا فآريناك ونصرناك وقمنا بمؤنة أصحابك وساويناهم بأنفسنا وقسمنا عليهم أموالنا وأزواجنا، ولكنهم من أدبهم مع حضرة الرسول لا يقولون ذلك ولا يتصورون أن يجابهوا حضرة الرّسول به) ترضون أن تذهب النّاس بالشاة والبعير وتذهبون بالنبي إلى رجالكم، لولا الهجرة لكنت امرأة من الأنصار، ولو سلك الأنصار واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار وشعبهم، الأنصار شعار والنّاس دثار (الشعار اللّباس الذي يلي شعر الجسد، والدّثار ما يلبس فوقه) يريد أنهم الأصل وغيرهم الفرع. هذا وقد ذكر البغوي أن الزهري قال بلغني أن شيبة بن عثمان قال استدبرت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يوم حنين أريد قتله بطلحة بن عثمان وابنه عثمان حيث قتلا يوم أحد، فأطلع الله رسوله على