للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْها رَضُوا»

وسكتوا، فلم يحمدون، ولم يذكروك بسوء «وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ» (٥٨) فيتفوهون عليك لما لا يرضي بقصد تنفير النّاس عنك. روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو يقسم فيئا، أتاه ذو الخويصرة (حرخوص بن زهير التميمي) فقال يا رسول الله اعدل، فقال صلّى الله عليه وسلم ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟ وفي رواية قد خبت وخسرت إن لم أعدل، فقال عمر رضي الله عنه وأرضاه ائذن لي لأضرب عنقه، فقال صلّى الله عليه وسلم دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم. وقيل إن القائل أبو الجواض المنافق أو رجل من البادية. وقيل إن المنافقين قالوا ما يعط محمد الصّدقة إلّا من يحب. والكل جائز، لأنهم أهل لأن يصدر منهم كلّ سوء، ولأن تعدد أسباب النّزول جائز أيضا، راجع الآية ٨ من سورة المنافقين المارة تجد ما يتعلق بهذا ومروءة سيدنا عمر وانتدابه كلّ ما فيه ذبّ عن حضرة الرّسول ودفع عن كرامته ورفع لما يسوءه، فأنزل الله هذه «وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا» أي هؤلاء العيّابون المنتقدون المنافقون «ما آتاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» من هذه الصّدقات ولم يعترضوا على حضرة الرّسول «وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ» هو كافينا «سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ» ما يسد حاجتنا «وَرَسُولُهُ» يتفضل علينا بما يراه من هذه الصّدقات، وإنه لا يعطي إلّا بحق ولا يمنع إلا بحق، وقالوا «إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ ٥٩» بأن يوسع علينا ويغنينا عن الصّدقة وغيرها، بأن يفتح لنا طريقا آخر يكفينا به عنها لكان خيرا لهم من اعتراضهم هذا وقولهم رجما بالغيب في حق الرّسول الذي لا يفعل إلّا حقا، ولا يقول إلا حقا، وان أقواله وأفعاله عن حكمة يعلمها، إذ يتلقاها عن ربه عز وجل وهم عنها غافلون لكان أجمل لهم وأحسن، ألا فليتق الله الّذين يهرفون بما لا يعرفون ويقولون ما لا يعلمون، فإن الاعتراض على رسول الله اعتراض على الله، والاعتراض على الله كفر، لأنه لا يسأل عما يفعل. ثم بين جل بيانه أصحاب الاستحقاق في الصّدقات:

<<  <  ج: ص:  >  >>