بدخول الجنة بلا شك، وحاشا كرم الله وفضله أن يدخلهم النار بعد أن أوقفهم خارجها، لأن خيار البشر لا يرجح جهة الشر على الخير فكيف بخالق الخيار القائل «خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» الآية ١٠٢ من سورة التوبة في ج ٣ والخلطة لا تقتضي التسوية فقد تكون أكثر وأقل ومساوية، وعسى من جانبه جل جلاله تكون لتحقيق هذا، واعلم أن ما قيل بأن هؤلاء الذوات فقهاء أو أنبياء أو ملائكة وان درجتهم أعلى من الجنة وأن وجودهم على الأعراف ليطلعوا على حال الفريقين لا دليل يؤيده وسياق التنزيل يأباه وسياقه ينفيه لأن الله تعالى يقول «وَهُمْ يَطْمَعُونَ» أي بدخول الجنة مما يدل على أنهم لم يستحقوها بعمل مرجح بل بطمعهم بفضل الله وبمنّه عليهم يرجون ادخالهم الجنة بترجيح حسناتهم على سيئاتهم وصرف النظر عن جهة الزيادة والنقصان، وانظر ما يقول الله عز قوله «وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ» وظهر لهم حالهم وما حل بهم من العذاب أعرضوا عنهم فلم يكلموهم والتفتوا إلى من أنعم على أولئك وانتقم من هؤلاء خائفين من مصيرهم لأنه لم يتحقق لهم بعد فاستعاذوا من حالهم و «قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ٤٧» أي باعدنا عنهم فزعا مما شاهدوه من أنواع عذابهم فإن هذه الآية تؤيد ما جرينا عليه من التفسير بان أصحاب الأعراف قوم استوت أو نقصت حسناتهم عن سيئاتهم وقد أوقفهم الله على شرف السور كما مر وليسوا بفقهاء ولا أنبياء ولا ملائكة كما جاء في ذلك القيل ولذلك صاروا يتضرعون إلى ربهم بان لا يجعلهم من أهل النار وان شدة الهول والفزع مما رأوا من عذاب جهنم أنساهم طلب الجنة لأنهم يريدون البقاء على الأعراف على أن لا يدخلوا النار فقط والله أعلم بمراده بكلامه وكأن هؤلاء يبقون موقوفين على الأعراف مشرفين على الفريقين حتى الأخير ينظرون من يدخل الجنة فيهنئونه، ومن يدخل النار فيستعيذون منه، ولهذا أخير عنه مولاهم بقوله «وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا» التنكير هنا يدل على أن المناديين عظماء معروفين بالدنيا كرؤوس الكفر، وتكرير لفظ