وهو النار تصديقا لوعده، فقل لهم يا أكمل الرسل «يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ» هو يوم هلاكهم في الدنيا أو يوم عذابهم في الآخرة وإذ ذاك «يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ» إتيان تأويله وتركوا امتثال أوامره ونواهيه «قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ» أي يعترفون حين لا ينفعهم الاعتراف، ويقولون حين نزول الموت بهم أو وقت تعذيبهم بالآخرة «فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا» اليوم مما حل بنا (على المعنيين لأن الآية صالحة لهما وموافقة لمعناهما وجائز تأويله بهما) إذ لا طريق للخلاص منه إلا بالشفاعة «أو» إذا لم تكن شفاعة أمهلنا يا ربنا بأن «نُرَدُّ» إلى الدنيا «فَنَعْمَلَ» الفاء واقعة في جواب الاستفهام مثل فيشفعوا أي نعمل عملا صالحا «غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ» من السيء فنبدل الكفر بالتوحيد والعصيان بالطاعة فلا يجابون إلى طلبهم، وهيهات أن يزاد في أجل المحتضر أو يرجع أحد من الآخرة ولعدم وجود الشفيع وعدم إمكان إمهالهم أو إرجاعهم إلى الدنيا فإنهم «قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» بصرف أعمارهم التي هي رأسمالهم في الشرك والمعاصي «وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ٥٣» في الدنيا من قولهم إن الأوثان آلهة وإن الملائكة بنات الله، وادعاء أهل الكتابين عزيرا والمسيح أبناء الله تعالى عن ذلك وعدم اعتراف اليهود بنبوة عيسى ومحمد والنصارى بنبوة محمد عليهم الصلاة والسلام.
مطلب في السموات والأرض والعرش وآيات الصفات:
قال تعالى ردا على هؤلاء المغترّين «إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» قدمنا ما يتعلق في هذا في الآية ٣٦. من سورة ق المارة إذ لم يكن زمن خلق السموات شمس ولا قمر ليعرف الزمن، وهذا على حد قوله تعالى: (لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا» الآية ٦١ من سورة مريم الآتية، أي بمقدارها في الدنيا بالنسبة لنا حسبما نعرفه لأن الجنه لا ليل فيها ولا نهار، ولهذا البحث صلة في الآية ٩ من سورة فصلت في ج ٢ فراجعه تعرف هذا وبدأ الأيام وآخرها وما خلق فيها، والمراد بالاستواء الاستيلاء وعليه قوله: