والأمر كما ترى؟ فيقول اصبروا وكان نفسه يمضغ الأشجار فتعصر في فيه دما، ولكنه لشدة عتوه يتحمل ويمّني قومه لئلا يروا ضعفا فيه، ودام الحال عليهم سبعة أيام ولما لم يروا من فرعون ما ينقذهم وهو يمنّهيم بالصبر، شأن كل مرة، رجعوا الى موسى شاكين باكين متذللين خاضعين، فرقّ لهم لكثرة ما يوثقون له الأيمان فطمع بصدقهم فدعا الله فأزاله عنهم وكذلك لم يؤمنوا لسابق شقائهم مع رؤيتهم هذه المعجزات «آياتٍ مُفَصَّلاتٍ» واضحات دالات على صدق نبوة موسى وقد ذاقوا عذابها كلها، ولم ينجح بهم، مع انها معجزات لا تحتاج الى فكر وروية ملموسة حسية ظاهرة تبع بعضها بعضا، قالوا وكان بين كل آية وأخرى شهر واحد، مرتبات، كما يستفاد من قوله هنا مفصلات «فَاسْتَكْبَرُوا» عن الإيمان بها وبمن أنزلها وأنزلت عليه مع أن كل منها كافية للتصديق والإيمان ولكن ما كان الله ليهدي قوما خلقوا في الأزل ضلالا «وَكانُوا مُجْرِمِينَ ١٣٣» بإصرارهم على الكفر وانفتهم عن الإيمان وبعد أن يكون الإنسان مجرما لم يبق له إلا الحكم عليه، وهكذا إذا أوقع أحد جرما يكون أولا مدعى عليه ثم ظنينا ثم متهما ثم مجرما ثم محكوما، هذا وقد اشتد غضب موسى فدعا عليهم بما ألهمه ربه، فأجاب دعاءه بما ذكره بقوله عز قوله «وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ» الموت قال سعيد بن حيدر هو الطاعون وهذا هو العذاب الأخير وهو الآية التاسعة على قول قتادة فمات منهم في اليوم الأول سبعون الفا فأمسوا لا يتدافتون روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم الطاعون رجز أرسل على طائفة من بني إسرائيل أو على من كان قبلكم، فاذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه. وهذه الرواية الأولى على بنى إسرائيل لا يستدل بها على ما نحن فيه لأن الرجز هذا خاص بالضبط كسائر الآيات المتقدمة أما على الرواية الثانية وهي على من قبلكم فيصلح دليلا لما هنا.
هذا ولما رأو ما حل بهم نسوا فرعون والسحر وعجوا واقعين على الأقدام «قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ» وأوصاك به من النبوة والمرحمة،