وهذه الياء للقسم الاستعطافي كذا يستعطفونه عليه السلام وهم باكون ضاجون قائلين والله ربك «لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ» الموت الذي حل بنا بافترائنا عليك وكذبنا بمواثيقنا ونفقنا عهودنا فالآن وعزة ربك وجلاله «لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ ١٣٤» وو الله ربك لا يسعنا بعد هذا إنكار أو تكذيب أو القول بأنه سحر لأنه الموت يا موسى ذقناه ولمسناه هذا، الذي لا رجوع بعده بخلاف الآيات الأول لأنا نراها تزول فتتغير عقب زوالها وتعود الى الكفر وننقض عهودنا ومواثيقنا بسبب رؤيتنا عودة الحالة السابقة إلى طبيعتها، أما الآن فلا وأكثروا من العويل والاستكانة وتمسكوا به خاضعين خاشعين، ولما رأى اعترافهم بالآيات وآنس منهم الصدق في هذه المرة حنّ عليهم وقبل رجائهم فدعى الله مولاه بكشفه عنهم فأجاب دعائه أيضا. قال تعالى:«فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ» أتى بالظاهر موضع المضمر للتأكيد وقد أخرناه «إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ» وهو وقت إغراقهم بالبحر المعلوم وقته عنده والذي هم واصلون اليه لا محالة «إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ ١٣٥» ما أعطوه من إيمان وعهود ومواثيق، وعاد إلى الطعن والتكذيب شأنهم في كل مرة ولا يقال إن الله تعالى عالم بأن آل فرعون لم يؤمنوا ولو جاءتهم كل آية، فلم والى عليهم هذه المعجزات لأنه نظير قوله جل قوله:(لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً. قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الآية ١٦٤ الآتية.
مطلب جواب الله ورسوله عمّا يقال:
هذا هو جواب الله إلى هذا المعترض وجواب لرسول. هو قوله تعالى:(لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) يفعل ما يشاء ربكم ما يريد، وهذا جواب أهل السنة والجماعة، أما جواب المعتزلة القائلين برعاية الأصلح إن الله علم من قوم فرعون أن بعضهم يؤمن بتوالي المعجزات وظهورها فلذلك والاها عليهم والله أعلم بمراده وهو قول وجيه لو لم يقترن برعاية الأصلح أي أن فعل الأصلح للعبد واجب على الله عندهم ومذهب أهل السنة والجماعة بخلافه. قال صاحب الجوهرة: