يخافون من شدة عذابه، قالوا انها لم تتكسر حين ألقاها أولا حال الغضب، إذ لم يوجد حديث صحيح أو خبر صادق يمكن الاحتجاج به على تكسيرها، والقول بأنها تكسرت ثم عادت في لوحين بعد أن كانت في سبعة الواح، وبعد أن صام أربعين يوما، ننقله على علاته، إذ لم نقف على ما يؤيده، وكذلك القول، بأنها تكسرت ولم تعد، وأن النسخ في الآية من شذاذها المكسرة، وأحسن هذه الأقوال القول ببقائها نفسها لم يطرأ عليها شيء حين الإلقاء، وبليه القول بانها عادت بعد التكسير لحالتها الأولى لموافقته ظاهر القرآن إذ يقول الله تعالى (أَخَذَ الْأَلْواحَ) بلام التعريف بما يدل على أنها هي نفسها لأن المعرفة إذا أعيدت تكون غير الأولى، بخلاف النكرة كما بيناه في سورة الانشراح المارة والمراد بنسختها ما نسخ في اللوح المحفوظ منها وكتب فيها، فالفعلة هنا بمعنى المفعول كالخطبة ومن قال انها تكسرت استند لهذه الآية إذ قال في آية أخذ الألواح المارة عدد ١٤٥ (وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ) وفي هذه الآية الكائنة بعد الإلقاء قال وفي نسختها هدى ورحمة فقط ولهذا قالوا إنها كانت سبعة أسباع، واحد فيه الأحكام والحدود المعبر عنها بالرحمة والهدى للخلق لتعلقها في مصالحم وهي الباقية، والستة التي فيها تفصيل كل شيء من بداية الخلق لنهايته تكسرت ووضع رذاذها في التابوت، وإليه الإشارة في الآية ٢٤٦ من سورة البقرة في ج ٣، وعلى هذا فالعلوم التي أوحاها الله لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم مما هو خاص بنفسه لم يبثها، أما الذي هو خاص بالبشر فبلغه إليهم والله أعلم. ثم إن بني إسرائيل لما رجعوا وتابوا لم يعرف عليه السلام مناط قبول توبتهم وكيفيتها فلهذه الغاية ولقبول اعتذار هارون عليه السلام ومن كان معه الذين لم يحولوا بين العجل وعابديه ولم يخبروا موسى بالأمر.
مطلب الميقات الثاني الذي وقته الله لموسى:
أوحى الله إلى موسى ما ذكره بقوله «وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا