للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمِيقاتِنا»

فيها حذف الجار واتصال الفعل بالمجرور، والأصل من قومه وهذا من باب الحذف والإيصال، وعليه قول الفرزدق:

منا الذي اختير الرجال سماحة ... وجودا إذا هبّ الرياح الزعازع

والمراد بالميقات هنا الميقات الثاني الذي خصصه به ربه لمناجاته من توبة التابعين للسامري واعتذار المعتذرين المذكورين، وقد استصحب هذا العدد المختار من قومه معه وتوجه لمناجاة ربه بخلاف ذهابه للميقات الأول الذي ذهب به لأجل استلام التوراة التي وعده بها كما مر ذكره في الآية ١٤١، وهؤلاء المختارون كلهم ممن كان مع هرون ولم يعبد العجل، وأمرهم أن يصوموا ويتطهروا ثم دخل بهم في الوقت الذي وقته له ربه ما بين الغمام والجبل في طور سيناء وقال لهم أدنوا مني فدنوا حتى دخلوا كلهم فسجد وسجدوا معه وسمعوا كلام الله لموسى، فطمعوا وقالوا (أرنا الله جهرة) حتى نؤمن لك فما أتموا كلامهم حتى أخذتهم الصاعقة ورجف بهم الجبل فماتوا جميعا، وهذا أصح ما قاله المفسرون في هذه الآية، كما سيأتي تفصيلهم في تفسير الآية ٥٥ من سورة البقرة في ج ٣ إن شاء الله «فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ» ورآهم موسى جثثا هامدة «قالَ» وقد أخذته الدهشة لموتهم «رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ» خروجهم معي إلى ميقاتك هذا حين فرطوا في النهى عن عبادة العجل ولم يفارقوا عبدته حين إصرارهم على عبادته «وَإِيَّايَ» أهلكت أيضا قبل أن أخرج بهم إليك. وهذا تواضع منه إلى ربه وتسليم إليه، أي وأهلكتنى أيضا حين طلبت منك الرؤية التي أدت إلى طلبهم إياها وكان لحقه وهم من أن يتهمه بنو إسرائيل بقتلهم لأنهم قوم بهت ظنّان، وصار يتضرع إلى ربه ويبكى ويقول «أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ» عبدة العجل الظالمون «مِنَّا» دون رضا واختيارنا، لا يا رب لا تفعل ذلك ولا تأخذنا بذنب غيرنا وأنت لا تقاصص أحد إلا بما اقترفه، وصار يردد أقوالا كهذه، وهو يعلم أن البلاء يعم الصالح والطالح لأن الصالح إذا لم يردع الطالح يكون راضيا بعمله فيستحق الجزاء من هذه الحيثية ولهذا البحث صلة في الآية ٢٤ من سورة الأنفال في ج ٣، لأن المسبب للذنب

<<  <  ج: ص:  >  >>