قال تعالى «قُلْ» يا أكمل الرسل لقومك وللخلق أجمع «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ» وحده «وَرَسُولِهِ» محمد «النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ» مما نزل عليه منها ومما نزل على الأنبياء قبله من أسفار وصحف وكتب، وقرأ بعضهم (كلمته) وأراد بأنها عيسى بن مريم تعريضا باليهود، وتنبيها على أن من لم يؤمن به ويعتقد بأنه من روح الله وأمه صدّيقة طاهرة عذراء لا يعتبر إيمانه، بل هو كافر لأن من لم يؤمن به على هذه الصفة لم يؤمن بالقرآن ومحمد صلّى الله عليه وسلم، وان جاحدهما لا شك بكفره. وهذه القراءة جائزة لأنها من حيث الرسم موافقة، وغاية ما فيها قصر الميم، والقراءة إذا لم يكن فيها نقص حرف أو زيادته لا بأس بها «وَاتَّبِعُوهُ» جميعكم عربكم وعجمكم يهودكم ونصاراكم مجوسكم وصابئتكم، على اختلاف مللكم ونحلكم وأجناسكم وألوانكم والسنتكم «لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ١٥٨» بهديه إلى طريق الصواب. تشير هذه الآية بوضوح لا مزيد عليه بأن محمدا صلّى الله عليه وسلم رسول من الله مرسل إلى البشر كافة رسالة عامة، لعموم اللفظ المخاطب به، والأمر فيها للوجوب، مما يدل على صحة دعواه عموم الرسالة للإنس والجن أيضا، راجع تفسير أول الفرقان الآتية والآية ٢٨ من سورة سبأ في ج ٢ والآيتين ١٥ و ٦٩ من سورة المائدة في ج ٣ تعلم بأنه مرسل لمن على الأرض على الإطلاق، لا خصوص العرب كما يقوله بعض أهل الكتاب والمبتدعة والزنادقة وغيرهم ممن لا نصيب لهم في معرفة كتاب الله ولا حظ لهم في الآخرة، وتعلن أيضا بأن الذي أرسله هو مالك الملك والكون ومدبره الإله الواحد الذي لا شريك له القادر على الإحياء والإماتة، ومؤكدة لزوم الإيمان به أولا لأنه الأصل ثم برسوله الموصوف بوصف يميزه عن غيره، ويخصصه بأنه محمد بن عبد الله لا غيره، لأن الإيمان به فرع عن الإيمان بالله، وملزمة عامة الخلق باتباعه فيما يأمر