وينهى، رجاء الوصول إلى الرشد والصواب، وهذة المتابعة واجبة بالأقوال كلها أما بالأفعال فيفعل ما كان يفعله الرسول من واجبات لم يخص بها نفسه، أما ما خص به نفسه كصوم الوصال والتزوج بأكثر من أربعة وعدم الوجوب عليه في القسم وما شاكل ذلك فلا، راجع الآية ١٤٤ المارة، وأن يتابعه على طريق الندب بما يفعله أيضا مما لم يختص به ويتأدب بآدابه. روى البخاري ومسلم عن جابر قال:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من الأنبياء قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان، ونصرت بالرعب على العدو بين يدي مسيرة شهر، وأعطيت الشفاعة. وفي رواية وبعثت إلى الناس عامة بدلا من كل أحمر وأسود. والمراد بالأحمر العجم وبالأسود العرب أو الإنس والجن. وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بسته أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون. وعليه فقد ثبت عموم رسالته بالقرآن والحديث قال تعالى «وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ» جماعة عظيمة وطائفة طاهرة مؤمنة «يَهْدُونَ» الناس «بِالْحَقِّ وَبِهِ» أي الحق «يَعْدِلُونَ ١٥٩» بين الناس في أحكامهم.
مطلب ما قضى به صلّى الله عليه وسلم والمراد من قوم موسى:
وهؤلاء الذين نزلت فيهم هذه الآية إمّا قوم متمسكون بدين موسى قبل تبديله وتغييره وماتوا عليه، وإما أن تكون بحق من أسلم منهم وحسن إسلامه على عهد محمد صلّى الله عليه وسلم كعبد الله بن سلام وأصحابه، وعلى هذا تكون هذه الآية من قبيل الآيات المغيبة أي إخبار حضرة الرسول بغيب لم يقع قبل وقوعه، لأن وقت نزول هذه الآية لم يكن عبد الله ولا غيره مسلما من اليهود، والأول أوجه لشموله كل من مات قبل بعثة محمد على دين موسى وعيسى الحقيقيين، والله أعلم، لأن لفظ الآية يدل على الكثرة، وعبد الله وأصحابه فليلون، وما قيل بجواز إطلاق