للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا أغرقهم أو أسقطهم أو قلبهم «فَلا صَرِيخَ لَهُمْ» أي لا مغيث يستغيث لهم، وسمى المغيث صريخا لأنه ينادي من ينجيه مما حل فيه فيصرخ بأعلى صوته ولا أحدا يغيثه من قدر الله «وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ» ٤٣ ينجون منه لأن من يقدر هلاكه الله لا محيد له عنه البتة، لأن البشر عاجز عن الحؤول دونه «إِلَّا رَحْمَةً مِنَّا» نحن الإله القادر على إغاثتهم بالنظر لما هو في علمنا الأزلي فنيسر لهم من يغيثهم أو نحفظهم من الهلاك وقتا مقدرا «وَمَتاعاً إِلى حِينٍ» ٤٤ انقضاء آجالهم قال أبو الطيب:

ولم أسلم لكي أبقى ولكن ... سلمت من الحمام إلى الحمام

وفي هاتين الحالتين ننقذهم نحن، وغيرنا لا يقدر على إنقاذهم إذا لم نشأه، حد قوله:

إذا نحن نؤمنك تأمن غيرنا وإذا ... لم تأخذ الأمن منا لم تزل حذرا

وهذه الآية المدنية من هذه السورة، قال تعالى «وَإِذا قِيلَ لَهُمُ» لمنافقي المدينة «اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ» مما يتوقع حصوله من العذاب الدنيوي إذا أصررتم على نفاقكم كالأمم الماضية التي أصرت على كفرها «وَ» اتقوا أيضا «ما خَلْفَكُمْ» مما توعدون به من عذاب الآخرة، ويجوز أن يكون على العكس بأن يراد ما بين أيديهم عذاب الآخرة، لانهم مقبلون عليه، فكأنه بين أيديهم وبما خلفكم عذاب الدنيا لأنهم تاركوه وراءهم، ولكن الأول أولى وأنسب بالمقام، أي احذروا هذين العذابين المتوخى نزولهما بكم «لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» ٤٥ أي ترجون رحمة الله، وقال بعض المفسرين إن هذه الآية مكية والخطاب لكفار قريش أي اتقوا الوقائع التي ابتليت فيها الأمم المكذبة لانبيائها، واتقوا إنكار أمر الساعة وآمنوا بنبيكم علكم تصيبكم رحمة ربكم، وجواب إذا محذوف تقديره: فأعرضوا ولم يلتفتوا إلى هذا القول، على كلا القولين والمعنيين، ويدل على حذف الجواب قوله تعالى «وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ» الدالة على قدرته وصدق نبيه «إِلَّا كانُوا عَنْها مُعْرِضِينَ» ٤٦ دأبهم في كل آية فيها إنذار وبشارة «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا» أيها المتمولون على فقرائكم «مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ» وأحسنوا إليهم كما أحسن الله إليكم «قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا» المأمورون بالإنفاق من أهل مكة

<<  <  ج: ص:  >  >>