للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر لما قيل:

لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خرّوا لعزّة ركعا وسجودا

ومنه الإلهام الغريزي كالوحي إلى أم موسى، وضده الوسوسة الشيطانية، قال تعالى: (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ) الآية ١٢١ من الأنعام في ج ٢، وقال في الآية ١١٢ منها: (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً) ووحي الله إلى أنبيائه، قد روعي فيه المعنيان الأصليان لهذه المادة (الخفاء والسرعة) وقد يطلق على متعلقه وهو ما وقع به الموحى باسم المفعول، مما أنزل الله على أنبيائه وعرفهم من أنباء الغيب والشرائع والحكم، فمنهم من إعطاء كتابا أي تشريعا يكتب، ومنهم من لم يعطه فيكون تابعا في التشريع لكتاب من قبله كأنبياء بني إسرائيل، فإنهم كلم تابعون للتوراة ولم ينزل الكتب دفعة واحدة إلا على الذين يحسنون القراءة كموسى وداود وعيسى وغيرهم، أما الذين لا يحسنونها كمحمد صلّى الله عليه وسلم ومن قبله فإنه لم ينزل عليه كتابه دفعة واحدة بل انزل مفرقا ليعيه أولا بأول وقد جمع له الأمرين إذ أنزل جملة إلى بيت العزة تعظيما لشأنه وتفخيما للمنزل عليه ثم أنزل نجوما مفرقة كما أوضحناه في المطلب الثامن ومنه الوحي إلى الملائكة بما يأمرهم الله به، قال تعالى: (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية ١٢ من الأنفال ج ٣، ومنه أيضا الوحي إلى ملك الوحي فيما يوحيه إلى الرسول. قال تعالى: (فَأَوْحى)

الله جل جلاله إِلى عَبْدِهِ)

جبريل عليه السلام (ما أَوْحى)

به إلى محمد عليه الصلاة والسلام إلى آخر الآيات فما بعدها من سورة النجم الآتية. روي عن أبي هريرة ان النبي صلّى الله عليه وسلم قال ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وانما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة متفق عليه- قال الإمام محمد عبده في رسالة التوحيد إحدى مؤلفاته القيمة بعد تعريف الوحي لغة مانصه: وقد عرفوه شرعا بأنه اعلام الله تعالى لنبي من أنبيائه بحكم شرعي ونحوه. وقال الأستاذ السيد محمد رشيد رضا في كتابه الوحي المحمدي: انه (أي الإلهام) عرفان يجده الشخص في نفسه مع اليقين بأنه من قبل الله بواسطة أو بغير واسطة.

<<  <  ج: ص:  >  >>