بخلاف الخطاب بقوله (أَفَلا يَنْظُرُونَ) فإنه للعام، لأن المراد تقرير رؤيته عليه السلام لكيفية مدّ الظل بينها إلى أن نظره عليه الصلاة والسلام غير مقصود على ما يطالعه من الآيات في آثار الله وصنايعه، بل مطمح أنظاره صلى الله عليه وسلم معرفة شؤون الصانع المجيد، وفي هذه الآية الجليلة إشارة إلى التصوير الشمسي لأن الشمس دالة عليه وتقبضه الآلة الآخذة بسهولة عند مقابلتها لشخص الإنسان، وهذا من أسرار القرآن التي لم يطلع عليها البشر قبل اختراع آلة التصوير، ومن أموره الغيبية التي يطلعنا الله عليها، وكم من أسرار ستظهر بعد للبشر من مكوناته وكان التصوير قبلا بطريق النحت والتجميل، وهذه هي المنهي عنها صنعا واتخاذا. هذا ومن دلائل توحيده قوله عز قوله «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً» غطاء ساترا لكم بظلمته كالثوب يستر لابه فيختفي فيه من أراد الاختفاء عن عيون الناس «وَالنَّوْمَ سُباتاً» لأجل الراحة لا عمل فيه للقوى الحيوانية «وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً» ٤٧ ينتشر فيه الناس لمصالحهم ابتغاء فضل الله، ويطلق النشور على الانبعاث من الموت، كما يطلق على اليقظة من النوم، وكذلك السبات يطلق على الموت لأن النوم أحد التوفيتين الواردة في قوله تعالى «اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ» الآية ٤٢ من سورة لزمر قال لقمان لابنه: كما تنام توقظ كذلك تموت فتنشر. وهذا مما اتفقت عليه عامة أهل الكتب السماوية كوجود الآله والاعتراف بالرسل، وأنكره من لا دين له كالدهرية. ومن دلائل توحيده قوله جل قوله «وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً» لعباده بنزول الغيث ولهذا فأن الإبرة المخصوصة الدالة على تقلبات الجو المسمات (بارومتر) وتشير إلى وقوع المطر خلال أربع وعشرين ساعة بسبب هذه الرياح، وقد يقع خلالها إذا لم يتغير الجو فتبشر بها الناس. وقريء نشرا بالنون أي ناشرات السحاب وباعثات له، لأنها تجمعه لا من النشر بمعنى التفريق، لأنه غير مناسب للمعنى، إلا أن يراد به معنى السوق مجازا، ولا محل هنا للمجاز، فأصبحت الحقيقة «بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ» أي قدام المطر على طريق الاستعارة، بجامع الخير الكثير والنفع العام في كل من