مطلب في البسملة واختصاصها في هذه الأمة وإن أفضل أنواع البسملة وأكملها ما ذكره الله في كتابه (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وهي بلفظها العربي هذا من خصائص هذه الأمة، لأن القول بلفظها ومعناها ينقضه، ما ذكره الله في الآية/ ٣٠/ من سورة النمل الآتية على القول بأنها أنزلت بمعناها على سيدنا سليمان عليه السلام. ولو كان لتداولتها الأمم قبل الإسلام، ولم يكتب الجاهليون باسمك اللهم في ابتداء كتبهم وأمورهم، ولم يستمر هذا اللفظ في بداية الإسلام.
واعلم أن ما روي من انه صلّى الله عليه وسلم، كان يأمر بكتابة باسمك اللهم، إلى أن نزلت (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها) الآية/ ٤١/ من سورة هود في ج ٢، فأمر بكتابة (بِسْمِ اللَّهِ) واستمر إلى أن نزلت (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) الآية الأخيرة من سورة الإسراء الآتية، فأمر بكتابة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ) واستمر حتى نزلت آية النمل المذكورة آنفا، فأمر بكتابة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) لا وجه له من الصحة، لأن سورة النمل نزلت قبل سورة هود، وقبل الإسراء، اللتين فيهما (بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها) وقال (ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ) وسورة الإسراء نزلت قبل هود، فكيف يصح الاستدلال بهذا الحديث، مع ثبوت عدم نزول الآيات المذكورة على الترتيب المبين فيه (تدبر) .
ومن هذا يتضح لك أن البسملة هذه من خصائص الأمة المحمدية فقط، وقد ذكر العلماء أوجها كثيرة، في أن البسملة: هل هي آية مستقلة أو آية من الفاتحة فقط، أو في كل سورة، واستدلوا بأقوال متضاربة وأحاديث متباينة، ضربت عنها صفحا لعدم ثبوت صحتها ثبوتا يصح الاعتماد عليه.
والصحيح الذي اعتمدته هو أن البسملة آية منفردة، قد أنزلت لبيان رؤوس السور تيمنا وللفصل بينها، يؤيد هذا ما رواه الثعلبي عن أبي بردة عن أبيه قال:
(قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد) بعد سليمان بن داود غيري، فقلت: بلى، قال: بأي شيء تستفتح القرآن إذا افتتحت الصلاة، فقلت:(ببسم الله الرحمن الرحيم) قال: هي هي، وما روى أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال لأبّي بن كعب: