وخلقهم، فكيف يقدرون على شيء مما في ملكه أو يشاركونه في شيء منه في هذه الدنيا، كلا لا يقدرون البتة «وَيَوْمَ الْقِيامَةِ» ترونهم «يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ» فيجحدونه ولا يعترضون به حيث يضع الله فيها قوة التكلم تبكيتا لعابديها، فتتبرأ منهم ومن عبادتهم «وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ» ١٤ يعني نفسه المقدسة جلت وعظمت، أي لا يخبرك أيها السامع بحقيقة الأمر مثلي، أنا الله الذي لا يخفى عليّ شيء في سمواتي وأرضي، ومن أصدق من الله راجع الآية ٥٦ من سورة الفرقان المارة «يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ» في جميع أموركم الظّاهرة والباطنة وأنتم محتاجون إليه فيها «وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ» عنكم وعن أعمالكم وعن كل ما في كونه «الْحَمِيدُ» ١٥ المستحق الحمد بإنعامه عليكم، فاحمدوه واشكروه وحسن ذكر الحميد بعد الغنى لمناسبة ذكره بعد الفقر إذ الغنيّ لا ينفع الفقير إلا إذا كان جوادا منعما، وهو كالتكميل لما قبله وعليه قول كعب الغنوي:
حليم إذا ما الحلم زيّن أهله ... مع الحلم في عين العدو مهيب
وذلك الإله الغنى الحميد «إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ» أيها الناس فيفنيكم بلحظة واحدة «وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ» ١٦ غيركم بلحظة أيضا يعبدونه لا يشركون به شيئا «وَما ذلِكَ» الإذهاب والإتيان «عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ» ١٧ صعب أو ممتنع بل هين جدا. وفي هذه الآية إشارة إلى أن ما يأتي به من الخلق أبدع مما هو موجود الآن وهو كذلك لأن القادر المبدع لا يعجزه شيء ولا يرد على هذا قول حجة الإسلام (ليس في الإمكان أبدع مما كان) لان ذلك على فرض وقوعه داخل في حيز ما كان وهو مع هذا العالم كبعض أجزاء هذا العالم مع بعض أو بأن الأبدعية في كلام ذلك الحجة بمعنى آخر تصورة بفكره الثاقب ولم يبيّنه أو لم نقف عليه ولسنا من رجاله لنرد عليه، وسيأتي توضيح أكثر لتفسير هذه الآية عند تفسير نظيرتها الآية ٢٧ من سورة إبراهيم في ج ٢.