قال تعالى «وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى» أي لا تحمل كل نفس إلّا وزرها وقد مر تفسيرها في الآية ٣٨ من سورة والنجم المارة، وهاتان الآيتان لا يتنافيان مع الآية ٨٨ من سورة النمل والآية ١٤ من سورة العنكبوت في ج ٢ وهي (لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ) لأن هذه في الظالمين المضلين لانهم يحملون إثمهم وإثم من يضلونهم «وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ» بالأوزار في ذلك اليوم الذي يفر فيه الأخ من أخيه والأب من ابنه والزوجة من زوجها «إِلى حِمْلِها» الذي أثقلها ليحملوا منه شيئا يخففون به عنها مما جنته من الذنوب في الدنيا «لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ» إذ لم يجبها أحد ممن تستنجد به وتستغيث، لان كلا مشغول برزره حائر في أمره «وَلَوْ كانَ» من تدعوه أو ترجوه «ذا قُرْبى» منه، فإنه لا يجيب دعاءه ولا يحمل عنه شيئا. قال ابن عباس يعلق الأب والأم بالابن فيقول (كل منها) يا بني احمل عني بعض ذنوبي، فيقول لا أستطيع حسبي ما عليّ. وظاهر الآية نص في الحمل الاختياري فيكون ردا لقول المضلين ولتحمل خطاياكم، يؤيده سبب النزول وهو كما روى عن الوليد بن المغيرة قال لقوم من المؤمنين اكفروا بمحمد وعليّ وزركم فنزلت هذه الآية، إلا أن المنفي عام وعمومه ينافي اختصاصه بالاختيار، لأنه يعم أقسام الحمل، جبرا أو اختيارا. قال تعالى يا أكرم الرسل «إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ» من حيث لم يروه فهم الذين تنفعهم الذكرى بوعظك وإنذارك لاولئك المشركين «وَأَقامُوا الصَّلاةَ» معك ابتغاء مرضات الله فيصلون معك من غير أن أفرضها عليهم اقتداء بك ونأسيا بأفعالك، وذلك أن الركعتين اللتين فرضهما الله على رسوله كانتا خاصتين به يؤديهما في الغداة والعشية ولم يأمر أحدا من أصحابه بفعلها لان الله لم يأمره بذلك وكان بعض أصحابه يفعلونها تأسيا بفعله ليس إلا، وهذا المراد والله أعلم من هذه الصلاة لان الصلاة المكتوبة لم تفرض بعد كما نوهنا به غير مرة عند كل ذكر لفظ الصلاة «وَمَنْ تَزَكَّى» من أوزار المعاصي بفعل الطاعات والقربات وصلى معك هذه الصلاة من غير أن تفرض عليه قصد