رسولها حاق بها عذاب الاستئصال، ولا محيص لها من الخلاص عنه «فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ» التي أمضاها على خلقه بقضائه وقدره «تَبْدِيلًا» عن مجراها الطبيعي أبدا ولا تغييرا، وهؤلاء قومك يا سيد الرسل إذا أصرّوا على كفرهم نزل بهم العذاب لا محالة «وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا» ٤٣ عن وقتها المقدر لها في الإهلاك وغيره، بل تقع حتما فيه وقد نال بعض هؤلاء الكفرة يوم بدر ما نالهم من العذاب قتلا وأسرا ونشريدا، وهذا عذابهم الأدنى وسينالهم العذاب الأكبر في الآخرة راجع الآية ٢١ من سورة السجدة في ج ٢ قال تعالى «أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» فيعتبروا بأخبارهم وآثارهم وكيفية إعلاكهم وأسباب تدميرهم؟ وهذه الآية كالاستشهاد والاستدلال على جريان سنة الله المبينة في الآية قبلها، والاستفهام إنكاري، أي لم يسيروا وينظروا أو يسمعوا بهم، «وَكانُوا» أولئك المهلكون من الأمم قبلهم «أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً» وأعظم بأسا وأجساما، وأكثر أموالا وأولادا، فلا يغتر قومك يا حبيبي بقوتهم وأموالهم وأولادهم، فهم دونهم بكثير، راجع الآية ٢١ من سورة غافر، والآية ٣٥ من سورة سبأ في ج ٢، والآية ٧٠ من سورة التوبة في ج ٣، ومهما كانت قوتهم فليست عند الله بشيء «وَما كانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ» مهما كان عظيما مما كان «فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ» لأنهما وما فيهما من خلق الله، ومن خلق شيئا لا يعجزه إبادته، ولا يصعب عليه كيف يسوقه إلى قبضته «إِنَّهُ كانَ» ولا يزال «عَلِيماً» بذلك كله لا يحتاج الدلالة والاعانة من أحد «قَدِيراً» ٤٤ على خلقه وجميع مكوناته، لا يفلت أحد من قبضته، كيف وقد قال جل قوله:(وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) الآية ٦٧ من سورة الزمر في ج ٢، ومن كان كذلك فلا يعجزه شيء. قال تعالى «وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا» من الآثام والمعاصي والمخالفات «ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها» أي الأرض التي يوقعون فيها المنهيات كلها من الإنس والجن وغيرهما