لوروده في بعض أدعيته صلى الله عليه وسلم حتى عده بعضهم في الأسماء الحسنى، ولكنه بالتشديد ليس بالتخفيف كما هنا ليدل على التكثير وبعضهم لم يعده قال المنذر بن درهم الكلبي
وأحدث عهد من أمينة نظرة ... على جانب العلياء إذ أنا واقف
تقول حنان ما أتى بك هاهنا ... أذو نسب، أم أنت بالحي عارف
وقال طرفة:
أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا ... حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض
فكل هذا مما يؤيد أن الحنان بالتخفيف بمعنى الرحمة، وقيل مأخوذ في الأصل من حنّ بالتشديد بمعنى اشتاق وارتاح «وَزَكاةً» أعطيناه أيضا طهارة من مقارفة الذنوب ومقاربة العيوب، وقيل بركة، أي جعلناه نفاعا مباركا معلما للخير.
وجاء في الإنجيل ما لفظه مبارك من الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب. وفيه يقول السيد عيسى عليه السلام لم يقم أحد من بين المولودين أعظم من يوحنّا المعمدان.
ويحيى عليه السلام المعمدان لأنه كان يعمد الذين يسلمون على يده وأولادهم بأن يأمرهم بالاغتسال. وهو عمّد أي غسل السيد عيسى عليهما السلام. والتعميد بمعنى التغسيل لعة متعارفة عند النصارى «وَكانَ تَقِيًّا» ١٣ مطيعا مخلصا متجنبا كل ما يلهي عن الله، وهذه الصفات التي أخبر الله بها تؤيد تشريفه بالنبوة حال صباه، لانه لا يتحلى بها إلا الكاملون «وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ»
لأنه علم بتعليم الله إياه أن لا عبادة بعد تعظيم الله تعالى أعظم من برّ الوالدين. قال تعالى (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) الآية ٢١ من سورة الإسراء الآتية، ثم نفى الله عنه ما قاله بعض قومه أنه خرج على غير طريقهم تجبرا عليهم وعصيانا لهم، فقال جل قوله «وَلَمْ يَكُنْ»
ممن تحلى بهذه الصفات الحميدة الجليلة «جَبَّاراً عَصِيًّا»
١٤ بل كان متواضعا لين الجانب سهل المأخذ يسر المخاطبة كثير الطاعة لوالديه، لأن نفي الصنفين الكائنين بلفظ المبالغة يثبت عكسهما له عليه السلام بلفظ المبالغة أيضا «وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا»