من النار دخل الجنة والله أعلم. وهو القائل:(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) الآية ١٨٥ من آل عمران في ج ٣، راجع تفسير الآيات ٧ و ٨ و ٣١ من سورة فاطر المارة والآية ١٩ من سورة الفرقان المارة فيما يتعلق بفاعل الكبائر، أما ما يتعلق بالرؤية المار بحثها فراجع الآية ١٤٦ من سورة الأعراف، والآية ٢٣ من سورة القيمة المارتين وما ترشدك إليه، قال تعالى «وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ» لا تحتاج إلى إثبات لأنها أعظم حجة وأدل دليل وأكبر برهان على قدرتنا وعجائب مخلوقاتنا ومبتدعات صنائعنا «قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً» منزلا ومكانا وموضعا بين الناس «وَأَحْسَنُ نَدِيًّا» ٧٣ مجلسا ومجتمعا، لأن النادي خصّ لمباحثات في الأمور العامة، أي إن هؤلاء الكفار عند ما تتبين لهم الدلائل وتظهر لهم البراهين على قدرتنا يعرضون عن التفكر بها والتدبر لمعانيها، ويقبلون على التفاخر والتكاثر بالأموال والأولاد والمساكن والمجالس والتفاضل على المؤمنين بزينتهم وزخارفهم الدنيوية، لأنهم يقولون لو كان المؤمنون على الحق لصار حالهم في الدنيا أحسن وأطيب من حالنا، إذ لا يليق بالحكيم أن يوقع أولياءه بالذل والحاجة ويجعل أعداءه بالعز والراحة، فيظهر من هذا أنا نحن على الحق بخلاف زعمهم، وهم على الباطل، ولهذا جعلنا أحسن منهم حالا ومكانة ومجلسا، فأنزل الله ما فيه إبطال قياسهم العقيم الناشئ عن رأيهم السقيم بقوله عز قوله «وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً» من هؤلاء المعجبين برياشهم وثروتهم ومجلسهم «وَرِءْياً» ٧٤ مرأى ومنظرا منهم مهما تزينوا بأنواع الألبسة وتعطروا بأصناف الطيب «قُلْ»
لهم يا أكرم الرسل إن هذه الأمتعة الدنيوية التي يعطيها الله تعالى بعض خلقه لا تدل على حسن الحال وارتفاع المقام وعلو المنزلة، لأن «مَنْ كانَ» مخلوقا للتوغل «فِي الضَّلالَةِ» واقتراف أنواع المعاصي الواردة عن طريق الهوى من الكفرة أمثالكم «فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا» يمهله كي يتمادى في طغيانه إمهالا كثيرا ويستدرجه بإكثار النعم استدراجا يظن معه أن الله أهمله والله لا يهمل بل يمهل العبد إلى أن ينتهي أمره ويبلغ الغاية