في انتهاك الحرمات وينسى صنع ربه فيه، فيأخذه بغتة ويقصفه على حين غفلة «حَتَّى إِذا رَأَوْا» هؤلاء المأخذون غرة «ما يُوعَدُونَ» على لسان رسلهم «إِمَّا الْعَذابَ» العاجل في الدنيا قتلا وأسرا وجلاء وذلا وموتا «وَإِمَّا السَّاعَةَ» القيامة التي عذابها أكبر وأدوم «فَسَيَعْلَمُونَ» حينذاك في إحدى الحالتين أو كلتيهما معا «مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً» هنا وعند الله «وَ» من هو «أَضْعَفُ جُنْداً» ٧٥ فئة وناصرا ومغيثا يوم القيامة أهم وهم في النار، أم نحن ونحن في الجنة، وفي الدنيا هم في حالة الغلب والمهانة، أم نحن في حالة النصر والعز، بل المؤمنون في الحالتين أحسن لأنهم هم المهتدون. قال تعالى «وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً» ونورا على هداهم، ويزيد الظالمين عمى وضلالا على ضلالهم «وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ» من الأعمال الحسنة التي تبقى فوائدها وتدوم عوائدها «خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً» من حطام الدنيا الذي يتفاخر به هؤلاء الكفرة على المؤمنين «وَخَيْرٌ مَرَدًّا» ٧٦ من ذلك، أي مرجعا وعاقبة، لأن عاقبة الكفر الحسرة الأبدية، وعاقبة الإيمان النعيم المقيم، راجع تفسير الآية ٣٩ المارة، وهذا الجواب من الأسلوب الحكيم وعليه معنى قول حسان:
أتهجوه ولست له بكفء ... فشرّ كما لخير كما الجزاء
وهو تهكم بالكفرة المذكورين القائلين أي الفريقين خير إلخ. وقرىء مقاما بالضم، والفرق بينهما أن المقام بالفتح موضع القيام سواء أقام فيه بنفسه أو أقام فيه غيره بطريق المكث فيه أولا، وبضم الميم موضع إقامة الغير إياه أو موضع قيامه بنفسه قياما ممتدا، وقد سئل أبو السعود رحمه الله عن الفرق بينهما فقال:
يا وحيد الدهر شيخ الأنام ... نبتغي فرق المقام والمقام
فأجابه رحمه الله بلفظ:
إن أقمت فيه فهو مقام ... وإن أقمت فيه فهو المقام
قال تعالى «أَفَرَأَيْتَ» يا حبيبي أعلمت هذا «الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ» وهو على كفره «لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً» ٧٧ ما أجهله يتمنى على الله الأماني وهو