العرش صفة لحمله بلا كيف، يجب على الرجل الايمان به ويكل العلم به الى الله، وروي عن سفيان الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وسفيان بن عيفية وعبد الله بن المبارك وغيرهم من علماء أهل السنة أن هذه الآيات التي فيها الصفات المتشابهة تقرأ كما جاءت بلا كيف، هذا والذي ذهب اليه الإمام الرازي أن الاستواء بمعنى الاستيلاء، والاستيلاء بمعنى الاقتدار، وهو كما ترى وأقوال السنة وبعض العلماء في هذا الباب لا تحصى، وقد قدمنا غير مرة بأن طريقتنا في هذا التفسير الجليل حمل كل لفظ ورد في القرآن العظيم على ظاهره، إلّا إذا لم نتوصل لفهمه وورود الدليل القاطع النقلي والعقلي يصرفه عن ظاهره، فإنما نعدل عنه ضرورة ونرجع الى التأويل بما نقتبسه أولا من القرآن لأن في بعضه تفسيرا لبعض، ثم في الحديث لأن قول الرسول شرح له، ثم إلى أقوال الأصحاب الكرام الخزامى الذين قال بحقهم صلى الله عليه وسلم أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. لأنهم يغرفون من مشكاة النبوة ثم لأقوال أتباعهم من السلف الصالح ولأقوال العلماء المفسرين له الأمناء عليه الأتقياء الذين نور الله قلوبهم بمعرفته قال تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ) الآية ٢٨٤ من سورة البقرة في ج ٣، وقال تعالى (إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) الآية ١٩ من سورة الأنفال في ج ٣ أيضا وقال تعالى (وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) الآية ٦٤ من سورة الكهف في ج ٢ وقال جل قوله (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) الآية ٧٤ الآتية وهذا ما عليه السلف الصالح والخلف الناجح والاقتداء بهم أسلم، والأخذ بقولهم أحكم، والله أعلم الذي «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى» ٦ التراب الرطب الذي يظهر بعد حفر وجه الأرض، فإن الله تعالى مالك لجميع ذلك وما فوق السموات أيضا، ومتصرف فيه كيف يشاء، ولم يبق غير ذلك الا المالك «وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ» يا سيد الرسل أو تسر به على حد سواء «فَإِنَّهُ» مولاك ومالك أمرك «يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى» ٧ منه مما يخطر ببالك أو تتصوره في قلبك فيما بعد قبل تخطره وتصوره لأن السر موجود في صدرك أو لأن السر ما تسره للغير حالا، وهذا