(أي فيه) وجاء في حديث آخر الرضاع يغير الطباع، وقالوا العادة جارية بأن من رضع امرأة فالغالب عليه أخلاقها من خير أو شر (الحكم الشرعي) جواز الإرضاع لحاجة ولغير حاجة، وجواز أخذ الأجرة عليه عدا الأم فلا يجوز أخذ الأجرة على إرضاع ولدها في شريعتنا، ولا تجبر على إرضاع ابنها إلا إذا كان لا يقبل ثدي غيرها، ولعله كان في شريعتهم جائزا وهو من قبيل اختلاف الشرائع في الفروع، وإذا كان لم يجز عندهم أيضا فيكون أخذها الأجرة من قبيل التقية حرصا على إمساك ولدها، ولئلا يعرفوها أنها أمه، وبقيت ترضعه إلى الفطام، وتردد عليه إلى بلوغه المراهقة، هذا فعل الله أيها الناس بحفظ عباده وإنجاز وعده لهم، فتأملوا رحمكم الله كانت تريد أن تراه وتعطي ما يريدونه منها فأخذته بالأجر، وكانت هي أحق بإعطاء الأجر، ألا له الخلق والأمر. قال:
وإذا العناية لاحظتك عيونها ... ثم؟؟؟ فالمخاوف كلهن أمان
قال تعالى «فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها» فرحا به «وَلا تَحْزَنَ» على فراقه ولا يدوم أسفها عليه «وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» إنجازه لا يبدل ولا يغيّر «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» ١٣ ذلك فيرتابون فيه أو يشكون فيحرمون من إنجازه لعدم تعلقهم بالله تعلقا خالصا، لأن منهم الجاحد والمنكر ومنهم المتردد، وكلهم خاسرون هالكون والناجحون هم المخلصون الموقنون. وفي هذه الآية تعريض لأم موسى بسبب ما فرط منها من الجزع، مع أن الله تعالى أمتها عليه، قال تعالى «وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ» وهو ثلاثون سنة «وَاسْتَوى» كمل عقله واعتدل رأيه، وبلغ سن الأربعين «آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً» نبوة وسلطانا وفقها ومعرفة في الدين والدنيا «وَكَذلِكَ» مثل هذا الجزاء الحسن «نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ» ١٤ من سائر الناس كما جازينا أم موسى إذ قبلت أمرنا وألقت ولدها في البحر، فرددناه عليها وجعلناه رسولا خليلا. وفي الآية تنبيه على أن أم موسى كموسى كانت محسنة في بداية أمرها، فجزاها الله هذا الجزاء وجعلها أمّا لنبيه وما ذكرنا من معنى الأشد هو الصحيح المعول عليه، وهو حتما دون الأربعين، قال تعالى (إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ