للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةً

الآية ١٥ من سورة الأحقاف في ج ٢، وهذه الآية تدل على أن الأشد دون الأربعين دلالة صريحة، ولهذا قال هنا استوى والاستواء ما بين الثلاثين إلى كمال الأربعين وبه يظهر معدن الإنسان، وهو سن الكمال الذي يطبع المرء على ما كان عليه فيه من صلاح أو غيره غالبا، قال:

إذا المرء جاز الأربعين ولم يكن ... له دون ما يهواه جاه ولا ستر

فدعه ولا تنفس عليه الذي مضى ... وان جر أسباب الحياة له العمر

وقال الآخر:

وماذا يبتغي الشعراء مني ... وقد جاوزت من الأربعين

ثم شرع الله يقص علينا ما وقع من موسى وهو عند فرعون قبل ذهابه إلى مدين وتشرفه بالرسالة بدليل العطف بالواو، لأنها لا تفيد ترتيبا ولا تعقيبا، أو أن الواو في قوله تعالى «وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ» واو الاستيناف عن ذكر قصة أخرى تتعلق بموسى بعد أن ختم قصته أمه، والمراد بالمدينة المدينة التي فيها قصر فرعون غربي النيل بمسافة اثني عشر ميلا من مدينة فسطاط مصر المعروفة بمصر القديمة، وهي أول بلدة أنشئت بمصر بعد الطوفان واتخذت قصرا لملوك مصر قديما، ولعلها التي يسمونها الآن (بالاقصر) قالوا وكان فرعون وملؤه لا يريدون أن يخرج منها لانه صار ينتقدهم فيؤنبهم وينكر عليهم عبادتهم، فتمكن يوما من الخروج من قصره في وقت لا يظن الناس فيه خروجه وفي زمن خلوّ من اجتماع الناس، يدل عليه قوله تعالى «عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها» أي في وقت لا يتوقعون دخوله فيها ولا يعتاد الخروج فيه لانه وقت الاستراحة، قيل كان وقت القيلولة او ما بين المغرب والعشاء «فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ» وقريء يقتلان بإدغام التاء بمثلها «هذا مِنْ شِيعَتِهِ» من اتباع موسى وأنصاره قيل هو السامري، لان ما أظهره في الآية دليل على انه هو «وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ» من القبط وهو طباخ الملك واسمه ثاثون على ما قيل، وسبب المنازعة ان القبطي كلّف الإسرائيلي حمل حطب لمطبخ الملك، فأبى على خلاف العادة، لأن الاسرائيلي لا يمتنع من خدمة القبطي، لأنهم كالعبيد يأتمرون بأمرهم فيما يكلفونهم به نساء

<<  <  ج: ص:  >  >>