فتأخرت وبقيا يمشيان هكذا وهي ترشده بقولها يمينا شمالا حتى وصلا إلى دار شعيب عليه السلام. قال تعالى «فَلَمَّا جاءَهُ» موسى وجده قد هيأ العشاء وبعد أن تبادلا التحية، قال شعيب اجلس يا فتى تعشى قال أعوذ بالله، قال شعيب ولم لست بجائع؟ قال بلى ولكن أخاف ان هذا الطعام جزاء لما سقيت وإنا أهل؟؟؟ لا نطلب على عملنا الأخروي أجرة، فقال شعيب لا والله ولكن عرفت أنك؟؟؟ ريب عن هذه الديار ولا تعرف أحدا، وكانت عادتي وعادة آبائي إقراء الضيف إطعام الطعام، فجلس وأكل وتحدث معه وسأله عن مجيئه وسببه، فذكر له موسى قصته «وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ» من بداية أمره إلى فراره «قالَ» شعيب موسى عليهما السلام «لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» ٢٦ فرعون قومه حيث لا سلطان له على مدين «قالَتْ إِحْداهُما» وهي التي دعته لما سمعت القصة وعرفت أنه لا يقدر أن يرجع إلى بلده «يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ» لرعي غنامنا كي يبقى هنا آمنا من عدوه، ثم مدحته لترغب أباها به فقالت «إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ» ٢٧ ذكرت قوته لرفعه الحجر عن فم بئر وحده، وأمانته لأنه أمرها أن تمشي خلفه حتى لا يرى منها شيئا، وهاتان لخصلتان مطلوبتان في الأجير، وجاء الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمين قوي؟؟؟ معروف، وضربت في هذه الآية قياسا من الشكل الأول، فقول هو قوي أمين، وكل قوي أمين لائق للاستيجار، وجعل (خير) في هذه الآية اسما لإن، سمع أنه؟؟؟ اسم معنى لا اسم ذات- للاهتمام بأمر الخبرية، جاء كذلك على حد قوله:
ألا إن خير الناس حيا وهالكا ... أسير ثقيف عندهم بالسلاسل
؟؟؟ العناية سببت التقديم، وسببت أحقية كون خير خبرا والقوي اسما من حيث صناعة، وتدل هذه الآية على جواز الإجارة عندهم كما هي عند كل ملة لأنها من روريات الناس ومصلحة الخلطة، وقد أجمعت الأمة على جوازها عدا ابن عليه الأصم فإنهما لا يجوزانها استبدادا وخرقا للإجماع، وجاء في الإكليل على هذه الآية؟؟؟ على منع الإجارة المتعلقة بالحيوان عشر سنين، لأنه يتغير غالبا لعل هذه التي لا يجيزانها لا مطلق الإجارة إذ لم يختلف فيها اثنان.