مطلب وفادة موسى على شعيب وفي الإجارة وعقد بنته له:
قال تعالى حاكيا عن نبيه شعيب ما قاله لموسى عليهما السلام «قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي» نفسك لترعى أغنامي مدة «ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ» تفعلها علي لا واجب عليك «وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ» بالزام العشر إذا لم تتبرع بها عفوا ومعروفا تديه لي، وأظن أنك في المدة التي تقضيها لدي «سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» ٢٨ في صحبتك ومعاملتك والوفاء لك. الحكم الشرعي ينبغي أن يكون المهر مالا متقدّما لقوله تعالى أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ الآية ٢٤ وقوله تعالى (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ) الآية ٣ من سورة النساء في ج ٣ وان يشتمل العقد على الإيجاب والقبول، والإذن من الولي، ولستئذان المخطوبة وبيانها وأن يكون المسمى بالعقد لها لا لأبيها، وعليه يكون هذا العقد مخالفا لشريعتنا، لأن العقد على الرعي لأبيها لا لها، ولأن الصداق خاص بالزوجية لا بالولي، إلا أن يقال أن هذا العقد الذي جرى على الشرطين المذكورين في الآية اللذين أحدهما للأب والثاني للزوج، غير العقد الذي سمي عليه المهر للزوجة بعد انقضاء الأجل وعند الزفاف، وأنه جائز في شريعتهم، قال تعالى (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً) الآية ٥٢ من المائدة في ج ٣، ولو أنه شرط رعي الغنم لها لجاز لأنه يكون بمقابلة مال، وعقد على مدة معلومة، أو أن قوله الأول عبارة عن الوعد بالزواج لا غير، ثم عقد له بعد تمام المدة على بنت معينة، ومهر معلوم إعطاء لها من ماله بمقابلة رعيه أغنامه تلك المدة، والله أعلم.
مسألة: لو تزوجها على تعليم القرآن أو خدمة لها سنة مثلا صح العقد ووجب مهر المثل لها عليه، لعدم تقويم التعليم والخدمة، هذا إذا كان الزوج حرا فإن كان عبدا فلها الخدمة، لأن خدمة العبد ابتغاء المال فتضمن الخدمة تسليم رقبة الخادم إلى المخدوم، والأمر ليس كذلك في الحر، ومسألتنا هذه في الأحرار الأبرار. «قالَ» موسى لشعيب عليهما السلام «ذلِكَ» الذي عاقتدني عليه وعاهدتني فيه قائم ثابت «بَيْنِي وَبَيْنَكَ» فلك ما شرطت علي من الرعي تلك