للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بن سلول من أصحاب محمد، راجع الآية ٣٠ من سورة الفرقان المارة، والآية ١١ من سورة الأنعام في ج ٢ «فَبَغى عَلَيْهِمْ» على بني إسرائيل لأنه كان عاملا عليهم «وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ» الذهب والفضة المدّخرة «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ» مفاتح خزائنه إذا جعلته جمع مفتح بكسر الميم وهو ما يفتح به، وإذا جعلته جمع مفتح بفتحها فيكون مفاتحه خزائنه وهي المحال التي يدخر فيها المال، وما موصولة في محل نصب بآتيناه، وأن اسمها وخبرها وهو «لَتَنُوأُ» تثقل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول وهو ما، ولهذا كسرت إن هنا «بِالْعُصْبَةِ» الجماعة الكثيرة «أُولِي الْقُوَّةِ» لا الضعفاء، والعصبة ما بين الثلاثة إلى الأربعين، قال ابن عباس كان يحمل مفاتحه أربعون رجلا، وقال غيره على ستين بغلا ولا يزيد قدر الواحد على الإصبع، فإذا كانت المفاتيح هكذا فما مقدار تلك الكنوز؟ وإذا كان عاملا من عمال فرعون عنده هذا القدر فما هو مقدار الذي عند فرعون؟ ومع هذا كله يناوئون الله. فلذلك أخذهم، واذكر يا محمد لقومك قصته «إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ» بحطام الدنيا وتبطر على قومك وتمرح بملك، فإنه زائل والفرح مذموم «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ» الأشرين الذين لا يشكرون نعم الله، قالوا له ذلك لما رأوا من زيادة تكبره وتعاظمه عليهم وإطالة ثيابه خيلاء، قال تعالى (وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ) الآية ٢٣ من سورة الحديد ج ٣ لأنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن إليها أما من يعلم أنه سيفارقها فلا يفرح بها، ولقد أحسن أبو الطيب المتبني في قوله:

أشد الغمّ عندي في سرور ... تيقن عنه صاحبه انتقالا

وقال ابن شمس الخلافة:

وإذا نظرت فان بؤسا زائلا ... المرء خير من نعيم زائل

والعرب تمدح بترك الفرح عند إقبال الخير ويقولون:

ولست بفرّاح إذا الدهر سرّني ... ولا جازع من صرفه المتقلب

هذا ويشير نفي محبة الله لمثل هؤلاء إلى بغضه لهم وكراهته إياهم، لأن من لا يحبه الله يبغضه، وينّبه إلى أن عدم المحبة كاف في الزجر عما نهى الله عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>