للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ» من المال في هذه الدنيا «الدَّارَ الْآخِرَةَ» بأن تنفق منه لأجلها مرضاة الذي أعطاكه وشكرا لنعمه «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا» كي تنجو من عذاب الآخرة.

مطلب في معنى النصيب وفوائد أخرى:

والنصيب هو حظّ الرجل من عمل الدنيا بلاغا للآخرة، أي اعمل لآخرتك كما تعمل لدنياك، وقيل النصيب هو الكفن، وقيل فيه:

نصيبك مما تجمع الدهر كله ... رداءان تلوّى فيهما وحنوط

وفي الحقيقة ان آخر ما يأخذه ابن آدم من ماله الذي جمعه من حلال وحرام بكدّ يمينه وعرق جبينه الذي يقدم غدا على المحاسبة عليه أمام الملك العلام هو الكفن وشيء من الطيب لا غير، هذا ان قدر له الموت على الفراش، وإلا فقد لا يحصل على ذلك ان مات غرقا أو حرقا أو أكله السباع، فالسعيد من أمسك من ماله ما يكفيه وتصدق بالفضل لصلة رحمه وفقراء أمته ليدخر ثوابه في الدار الباقية، لأن هذه زائلة لا محالة ولو عمّر فيها ما عمر وقبل في المعنى:

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته ... يوما على آلة حدباء محمول

والقول الفصل ما قاله سيد الرسل: عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به. وروى عمرو بن يموت المازني عنه صلّى الله عليه وسلم قال اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، وهذا الحديث مرسل لأن عمر هذا لم يلق النبي صلّى الله عليه وسلم: ألا لا يغتر ابن آدم بالخمس الأول، فهي وبال عليه إذا لم يصرفها إلى التي خلقت إليها «وَأَحْسِنْ» إلى خلق الله مما تفضل به عليك «كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» لتكون من الشاكرين إحسانه فيزيدك إحسانا «وَلا تَبْغِ» وإياك أن تسعى فتطلب «الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ» لتظلم الناس وتطغى عليهم بسبب نعم الله، فتتعالى وتترفع عليهم فيسلبها الله منك قال صلّى الله عليه وسلم أشكروا النعم لا تزدروها. وفي رواية لا تكفروها. فإنها إن زالت هيهات أن تعود ولذا قالوا بالشكر تدوم النعم. ومن أقبح القبائح أن تستعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>