للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم الله في معصيته، لأنه جل جلاله تفضل على عباده كي يشكروه ويتفضلوا على عياله الفقراء، لا أن يبغوا بما تفضل عليهم، قال تعالى في الحديث القدسي:

الأغنياء وكلائي والفقراء عيالي، فإن بخل وكلائي على عيالي أذقتهم وبالي ولا أبالي. ولهذا البحث صلة في الآية ١١ من سورة لقمان في ج ٢ فراجعه ألا فلينتبه الغافلون المغرورون ليعلموا أنهم ليسوا بأفضل من الفقراء عند الله، وأن الله لم يخصهم بالغنى لفضلهم بل ليختبرهم هل يصرفونه مصارفه أم يبخلون به، كما اختبر ثعلبة الآتي ذكره في الآية ٧٦ من سورة التوبة في ج ٣ اما يحمد الله هذا الغني ان أغناه الله وجعله من المتصدقين على عباده ألا يخشى أن يفقره الله ويحوجه للسؤال من الغني، أما يسرّه أن تكون يده العليا وقال صلّى الله عليه وسلم اليد العليا خير من اليد السفلى «إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» ٧٧ في الأرض بظلم أهلها والتسلط عليهم وتشعر عدم المحبة لهذا الصنف بغضبه عليهم وكراهته إياهم، وهكذا فلا تجد آية صرح الله بها بلفظ البغض البتة، فتعلموا أيها الناس الأدب من أقوال الله ورسوله، فبدل أن تقول لأخيك كذبت قل له غير صحيح، أو ليس الأمر كذلك، فهو أدوم للمحبة وأعف للّسان وأطهر للقلب. واعلم أن الذي لا يحبه الله فهو مكروه عنده مبغوض عند خلقه. وإلى هنا انتهت نصيحة قوم قارون له، وانظر إلى غروره وطيشه في جوابه لهم «قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ» أي ذلك المال الكثير ليس كما تقولون، وإنما كان «عَلى عِلْمٍ» عظيم «عِنْدِي» علمنيه؟؟؟ الله وفضل استوجبت فيه التفوق عليكم، فكان ذلك استحقاقا لي فردّ الله تعالى عليه بقوله عز قوله «أَوَلَمْ يَعْلَمْ» هذا الخبيث «أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ» من القرون الماضية مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً» على جمع المال وعلما في استخراج الفضة والذهب من المعادن الأرضية واسترباحها في الأعمال والتجارات وتعاطي الحرف «وَأَكْثَرُ جَمْعاً» للأموال منه ولم يدع دعوته هذه، وأراد الملعون بالعلم علم الكيمياء لأنه كان ماهرا فيها، إذ يستخرج من الرصاص الفضّة ومن النحاس الذهب، وكان حاذقا في نموّ المال، ولهذا ظن أنه أهل لذلك فأعطاه الله المال بفضله عليهم ولم يعلم أن تعليمه ذلك كان بتقدير الله إياه عليه، ولولا ذلك لما قدر أن يسقي

<<  <  ج: ص:  >  >>