مكرهم وكيدهم وتخويفهم لك «عَنْ آياتِ اللَّهِ» والعمل بها «بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ» بعد زمن إنزالها، لأن إذ يضاف إليه أسماء الزمان كقولك يومئذ ووقتئذ وساعتئذ «وَادْعُ إِلى» توحيد «رَبِّكَ» وعبادته كافة الناس «وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» ٨٧ وحاشاه وهو مجتهد بالدعاء إلى توحيده ورفض الشرك وهو معصوم من أن يدعو إلى غير ربه وان المراد تحذير قومه ونهيهم وتذكيرهم بذلك وإلهاب قلوبهم إلى طاعة ربهم، وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث وفي عصمة الأنبياء في سورة طه الآية ١٢١ المارة بصورة مفصّلة، فراجعه ترشد إلى ما يحوك في صدرك من هذا والله ولي التوفيق. وهو الهادي إلى أقوم طريق وأعلم أن أصل فعل يصدنّك يصدوننّك، ولذا لم يفتح آخر الفعل مع أنه متصل بنون التوكيد الموجبة لذلك، لأن الضمير للجمع فلو كان للواحد لفتح، وقد حذف من نون الرفع. لدخول لا الناهية عليه، وحذف الواو لالتقاء الساكنين، أي أعرض عنهم، لا يمنعنك يا أكرم الرسل ما تراه من عربدتهم «وَلا تَدْعُ» على أن الخطاب له صلّى الله عليه وسلم، وعلى أن الخطاب لغيره يكتب ولا تدعوا أيها الناس «مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ» لأنه هو وحده المنفرد بالإلهية، له الخلق والأمر الواحد القهار «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ» ولا رب غيره، فعليكم أيها الناس بالانكباب على عبادته. هذا، وأرى أن الأجود في هذا الخطاب أن يكون عاما لكل البشر، وأنما جاء بلفظ المفرد خطابا لحضرة الرسول تعظيما لشأنه، لأنه هو المبلّغ لأمته كلام ربه ليكون أكثر وقعا في قلوب الناس، والعصمة لا تمنع النهي، وهنا يلزم الوقف على كلمة آخر، لان وصلها بما بعدها يصيّر ما بعدها صفة لها، وفيه من الفساد ما لا يخفى، ولذلك أوجب العلماء قراءة علم التجويد وحذروا من لا يعرفه من أن يخطىء في كلام الله فقال:
والأخذ بالتجويد حتم لازم ... من لم يجود القرآن آثم
لأن من لازم علم التجويد معرفة الوقف، وأنت خبير كم من وقف بغير محله يغير المعنى، وكم من وصل يفسده، قال صلّى الله عليه وسلم في دعائه (وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني) فإذا كان حضرة الرسول يدعو ربه أن يوفّقه لأن يقرأ