الآية ٣ من سورة العلق، وقال تعالى:(ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) الآية ٦ من سورة الانفطار، ولا تجد وصفا في القرآن للقرآن أو الملائكة أو للجنان أو لمطلق كتاب أو للثواب أو للرسل أو للعرش إلا بلفظ كريم، ولم يصفه الأنبياء إلا بهذا الوصف، مثل قولهم (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) الآية ٤٠ من سورة النمل المارة، وقال (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) كررها مرتين في سورة الرحمن ج ٣. وأعلم أنه لا يقال إن إبراهيم أفضل من محمد عليهما الصلاة والسلام لقوله تعالى في حقّه:
(وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية ٧٥ من سورة الأنعام في ج ٢، لأن هذا الملكوت الذي رآه إبراهيم من بعض الآيات التي أراها الله إلى محمد وآيات الله لا تحصى، وأفضاله لا تستقصى، وإن سيدنا محمدا هو أفضل الأنبياء والرسل والملائكة على الإطلاق، وقد أجمعت الأمة على تفضيله وعليه قولهم:
وأفضل الخلق على الإطلاق ... نبينا فمل عن الشقاق
ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا الزمخشري إذ يقول إن جبريل أفضل منه، وهذا من جملة خلافياته وانشقاقه على أهل السنة والجماعة التي رجع عنها أخيرا كما يفهم من قوله:
يا من يرى مدّ البعوض جناحها ... في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى مناط عروقها في لحمها ... وإلخ في تلك العظام النحل
اغفر لعبد تاب من فرطاته ... ما كان منه في الزمان الأول
وما قاله بعض المغالين في حقه بأنه أراد بتوبته هذه عن الزمن الذي كان فيه قبل الاعتزال بعيد عن الحقيقة، ولفظ قوله هذا ومغزاه ينفيه، عفا الله عن الاثنين، «إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ»
لكل شيء يسمع أقوال عبده عند تشرفه به، ويجيب دعاءه حينما يدعوه، وهو أكرم من أن يرد أحدا فضلا عن الأنبياء الكرام «الْبَصِيرُ» ١ بشأنه المسدد لأفعاله وأعماله وأقواله ورموزه وإشاراته، قال تعالى في هذه الآية أسرى وباركنا على طريق الغيبة ثم قال إنه هو على طريق التكلم التفاتا، وهذا من أبواب المعاني والبديع بالكلام، ومن طرق البلاغة والفصاحة، وفي كلمة سبحان المصدرة بها هذه الآية معنى التعجب، لأن عروج الشيء الكثيف إلى العلو وخرقه له مما يتعجب منه، وقدمنا البحث في جواز الخرق والالتئام على سبيل خرق العادة