للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أي يجري عرقه كما يجري الدم من الفاصد) ، وأخرج أحمد وعيد بن حميد وابن جرير وابن نصر والحكم وصححه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقة وضعت جرانها (أي مقدم عنقها من مذبحها إلى نحرها جمعه جرن) فما تستطيع أن تتحرك حتى يسرى عنه. وكان يوحى إليه ورأسه على فخذ زيد بن ثابت وكان يحس بثقله حتى كأن فخذه كادت ترضّ من شدة ثقل رأس رسول الله.

والحالة الثالثة هو أن ينفث في روعه الكلام نفثا لقوله صلى الله عليه وسلم إن روح القدس نفث في روعي وجلّ القرآن من هذه الأنواع الثلاث راجع مطلب الوحي تجد الفرق بين الوحي والإلهام.

الرابعة أن يأتيه الملك في النوم وما يعبه عنه لا يعد قرآنا كما نوهنا به قبلا وذكرنا أن من قال بأن سورة الكوثر نزلت فيه لا عبرة، وأن الصحيح أنها أنزلت عليه يقظة وبما أنه عند نزول الوحي تتغير حالته كما علمت فيظن من لم يعلم منه ذلك أنه يتيقظ من نوم، ولهذا تسمى هذه الحالة برحاء الوحي أي ثقله فيحمل الحديث الذي رواه مسلم بشأن سورة الكوثر على هذه الحالة، وإن ما يراه نوما معتبر لأن رؤيا الأنبياء صادقة ولكن لا يكون قرآنا كالأحاديث القدسية فإنها معتبرة ولكنها ليست بقرآن ولعله رأى الكوثر في نومه أو خطرت له السورة عند تيقظه من النوم فذكرها لمن كان عنده وهو الأشبه ويسمى ما يراه في النوم الوحي النومي.

الخامسة أن يكلمه الله يقظة كما كان في ليلة الإسراء راجع قصة المعراج الآتية في أوائل سورة الإسراء آخر هذا الجزء، أو في النوم كما في حديث معاذ (أتاني ربي فقال فيم يختصم الملأ الأعلى) الحديث، وليس في القرآن شيء من هذا النوع البتة أما الحديث الذي رواه عدي بن ثابت وخرّجه ابن أبي حاتم على فرض صحته فإن ما جاء فيه ليس من ألفاظ القرآن والله أعلم، قال تعالى «إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ» أي القومة بعد النوم وكل ما حدث وبدأ ليلا فهو ناشئة وكل ساعة في الليل ناشئة لأنها تنشأ عن الأخرى، فإذا قام من نومه ونهض لعبادة ربه فقد أنشأ أي أحدث

<<  <  ج: ص:  >  >>