وأن تدعو لهما، وتتواضع لهما، وتلين جانبك لهما حينما يكلمانك أو تجاربهما، وأن لا تزجرها، وأن تخاطبهما باللطف وتحترمهما غاية الاحترام، هذا وقد بالغ جل شأنه في التوصية بهما إذ شفع الإحسان إليهما بعبادته وتوحيده سبحانه، وجعل ذلك كله قضاء مبرما عليه، وحث حضرة الرسول على ذلك أيضا، فقد روى ابن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم عن النبي صلّى الله عليه وسلم ورجح الترمذي وقفه قال: رضاء الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين. وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد وكان المسلمون إذ ذاك بحاجة إليه، فقال أحيّ والداك قال نعم، قال ففيهما فجاهد.
فجعل صلّى الله عليه وسلم القيام بأمورهما خيرا له من الجهاد وأعظم أجرا عند ربه. وجاء في الخبر أنه عليه الصلاة والسلام قال لو علم الله تعالى شيئا أدنى من الأف لنهى عنه، فليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة، وليعمل البارّ ما شاء أن يعمل فلن يدخل النار. ورأى ابن عمر رجلا يطوف بالكعبة حاملا أمه على رقبته فقال يا ابن عمر أتراني جزيتها؟ قال لا ولا بطلقة واحدة، ولكنك أحسنت والله تعالى يثيبك على القليل كثيرا. وروى مسلم وغيره لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعنقه. وعنه عليه الصلاة والسلام إياكم وعقوق الوالدين فإن الجنة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام ولا يجدها عاق ولا قاطع رحم ولا شيخ زان ولا جارّ إزاره خيلاء إن الكبرياء لله رب العالمين. قدّم في هذا الحديث العاق على قاطع الرحم لأن العقوق أعظم لاشتماله على قطع الرحم وعدم احترام الأبوين الذين وصّى الله ورسوله بهما ومخالفتهما مخالفتهما، ولا أعظم منها وزرا. وروى البخاري ومسلم عن أبي هريره قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك ثم أمك ثم أباك، ثم أدناك فأدناك؟
أي الأقرب فالأقرب منك. وروى مسلم عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه، قيل من يا رسول الله؟ قال من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما ثم لم يدخل الجنة أي بسبب برّهما. وروى مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله