النور في ج ٣، قال تعالى «رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ» من بر الوالدين والاهتمام بما يجب لهما من التوقير والاحترام وغيره، ومن العقوق والتقصير وسوء الأدب وغيره في حقهما «إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ» حقيقة مريدين البر بهما وإصلاح شأنهما أو تكونوا طالحين قاصدين العقوق بهما ومخالفتهما وإهمالهما، أما إذا فرط منكم حال حالة الغضب أو الغفلة مما لا يخلو البشر منه وقد أدى إلى أذاهما معنى ومادة، ثم رجعتم إلى الله فتبتم واستغفرتم الله مما وقع منكم واسترضيتم والديكم بشتى الوسائل «فَإِنَّهُ» الإله الحليم التواب «كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً» ٢٥ فيدخلكم في واسع رحمته ويعفو عنكم، لأنه يحب عبده المنيب الأواب. واعلم رعاك الله أن في هذه الآية العظيمة وعدا بالخير من الله لمن أضمر البر والإحسان لوالديه، ووعيدا لمن أضمر لهما الكراهية والاستثقال، وما قاله ابن جبير إن معنى هذه الآية هو الرجل تكون منه البادرة إلى أبويه لا يريد بذلك إلا الخير فإنه لا يؤاخذ بها قول مقيد لهذه الآية المطلقة وإن بقاءها على إطلاقها أولى لتشمل كل تائب مما وقع منه في حق والديه قليلا كان أو كثيرا، بادرة أو مقصودة، على أن الجاني على أحد أبويه التائب من جنايته توبة خالصة يدخل فيها، لأن معنى الأواب على ما قاله سعيد بن المسيب الذي يذنب ثم يتوب، وعنه أنه الرجاع إلى الخير. وقال ابن عباس الأواب الرّجاع إلى الله فيما يحزنه وينوبه، فلم يقيده في البادرة. وقيل إنه من صلّى بعد المغرب والعشاء يعدّ من الأوابين، وهذه الصلاة تسمى صلاة الأوابين، فقد روى ابن ماجه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال من صلّى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة. وروى ابن نضر أن من صلّى ست ركعات بعد المغرب قيل أن يتكلم غفر له ذنوب خمسين سنة أي من
الصغائر. كما جاء في شرح هذا الحديث في كتاب مصباح الظلام للشيخ محمد بن عبد الله الجرداني، وورد فيه أيضا من صلّى ركعتين بعد المغرب وقرأ فيهما بالمعوّذتين لم يرمد وقد جربته فوجدته، وجاء في الصلاة بعد المغرب أحاديث كثيرة رتب عليها أجر كبير لفاعلها أعرضنا عنها اكتفاء بما ذكرنا خشية التطويل، وقد ألمعنا إلى ما يتعلق به في الآية ٣٠ من سورة ص المارة فراجعها تجد ما يقرّ العين من ذوي العقيدة والإيمان.