حين تزلزلت وقال لها إني أعدل عليك، فسكنت، وأن نارا كانت تخرج من ضواحي المدينة فأرسل إليها فلم تخرج، وأن الريح أوصل كلامه إلى القادسية حتى سمعه عامله، وهو قوله على المنبر (يا ساربة الجبل) فلما سمع عرف أنه كلام عمر، فصعد الجبل فرأى العدو من ورائه «فوقفه الله تعالى عليه بما يدل على أن الله تعالى سخّر له العناصر الأربعة، فكيف برسول الله صلّى الله عليه وسلم؟ ولهذا البحث صلة في تفسير الآية ٨٠ من النساء في ج ٣، وقدمنا بعض ما يتعلق فيه في الآية ١٥ من سورة النمل المارة، وذكرنا أن ما من معجزة لنبي إلّا ومثلها لحضرة الرسول صلّى الله عليه وسلم فقد جمع عامة فضائلهم، فلا تستكثر أيها القاري على حضرته فهم تسبيح الجماد وغيره، فهو عظيم عند ربه فرق كل البشر وأحسنه:
فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وأنه خمير؟؟؟ خلق الله كلهم
دع ما ادعته النصارى في نبيهم ... وأحكم بما شئت فيه مدحا فيه واحتكم
قال تعالى «وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ» الناطق بالتسبيح والتنزيه وصرت من غاية استغراقك بمعانيه غائبا عن محافظة نفسك «جَعَلْنا» بقدرتنا ومشيئتنا المبنية على الحكم الخفية «بَيْنَكَ» يا حبيبي «وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ» من قومك المشركين منكري البعث المتقدم ذكرهم «حِجاباً مَسْتُوراً» ٤٥ غير مرئي نسترك به بسائق تكفلنا بحفظك وحماينك، وكمل المؤمنين بفهم رموز هذا القرآن، أما أعداؤك الكفرة فإنا تحجبهم عن فهمه والانتفاع فيه، ونمنعهم أن يدركوا ما أنت عليه من الدرجة الرفيعة وجلالة القدر عندنا، لذلك اجترءوا عليك فقالوا ساحر وكاهن ومتعلم وناقل، وإنما اعتدوا على منصبك العظيم بذلك لجهلهم بمقامك الكريم، وحسدا لما أوتيته من الفضل عليهم، قال سعيد بن جبير لما نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) جاءت امرأة أبي لهب ومعها حجر والنبي صلّى الله عليه وسلم مع أبي بكر فلم تره، فقالت لأبي بكر أين صاحبك لقد بلغني أنه هجاني، فقال لها أبو بكر والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله، ولم يقل لها ها هو معي أو غير ذلك، وهو جواب على خلاف السؤال مثله في قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) الآية ٨٩ من البقرة ومثله كثير في ج ٣. فرجعت وهي تقول قد كنت جئت بهذا الحجر لأرضخ