قال صلّى الله عليه وسلم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسنوا أسماءكم. وهذه الدعوة تكون بالأمر التكويني، وهو ما يوحيه إلى المعدوم، فهو نداء على الحقيقة لا على المجاز على ما قيل إنه يمتنع حمل هذا النداء على الحقيقة، لما يلزم من الحمل عليها خطاب الجماد، والأجزاء المتفرقة ولو لم تمتنع إرادة الحقيقة لكان ذلك النداء كناية عن البعث والانبعاث حقيقة لا مجازا، والمجوز لإرادتها ما ذكرنا من أن هذه الدعوة بالأمر التكويني. وقيل إن خطاب الكافرين انقطع عند قوله تعالى قريبا.
والخطاب بقوله تعالى (يوم يدعوكم) للمؤمنين أي فتجيبون أيها المؤمنون حامدين له سبحانه على إحسانه إليكم وتوفيقه إياكم للإيمان بالبعث، وهو وجيه لكن جعل الخطاب للعموم أولى وأنسب للمقام، إذ لا مخصص ولا دال على التقييد، وعلى كل إن شاء الله يجيب المؤمنون المنادي بما ذكر الله. أخرج الترمذي والطبراني عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في نشورهم، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رءوسهم ويقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) الآية ٣٤ من سورة فاطر المارة، وفي رواية عن أنس مرفوعا: ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور ولا في الحشر، وكأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رءوسهم من التراب يقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) . راجع تفسير هذه الآية، ومما يدل على أن الخطاب للفريقين المؤمنين والكافرين كما جرينا عليه في تفسير هذه الآية ما أخرجه عبد بن حميد عن ابن جبير أنه قال: يخرجون من قبورهم وهم يقولون سبحانك اللهم وبحمدك ولا بعد في صدور ذلك من الكافرين يوم القيامة وإن لم ينفعهم كما نوهنا به آنفا، وهذا التفسير أولى بالنسبة لسياق الآية وسياق الكلام، هذا وإن قوله تعالى «وَقُلْ لِعِبادِي» خاص بالمؤمنين بدليل الإضافة التشريفية الدالة على التخصيص، بخلاف الآية الأولى لمجيئها بلفظ عام، وعلى القول بأن هذا الخطاب الأخير يشمل الكافرين أيضا فيكون خطابهم بلفظ عبادي لجذب قلوبهم وميل طباعهم إلى قول الحق، والأولى أولى لوجود الصارف وهو الإضافة له، وعليه يكون المعنى قل يا أكرم الرسل لأصحابك المؤمنين «يَقُولُوا»