للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لبقايا ظلمة الليل ومبادىء ضوء النهار، هذا باعتبار مصطلح أهل اللغة، وأما في الشرع فالكلام في ذلك معروف.

(والفلك التي تجري في البحر) وهي السفن وإفراده وجمعه بلفظ واحد وهو هذا ويذكر ويؤنث، قال تعالى (في الفلك المشحون) و (الفلك التي تجري في البحر) وقال (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) وقيل واحده فلك بالتحريك مثل أسد وأسد، والآية في الفلك تسخيرها وجريانها على وجه الماء وهي موقرة بالأثقال والرجال، فلا ترسب، وجريانها بالريح مقبلة ومدبرة وتسخير البحر لحمل الفلك مع قوة سلطان الماء وهيجان البحر فلا ينجي منه إلا الله تعالى.

(بما ينفع الناس) يعني ركوبها، والحمل عليها في التجارات لطلب الأرباح، والآية في ذلك أن الله لو لم يقو قلب من يركب هذه السفن لما تم الغرض في منافعهم، وأيضاً فإن الله خص كل قطر من أقطار العالم بشيء معين، وأحوج الكل إلى الكل، فصار ذلك سبباً يدعوهم إلى اقتحام الأخطار في الأسفار من ركوب السفن وخوف البحر وغير ذلك فالحامل ينتفع لأنه يربح، والمحمول إليه ينتفع بما حمل اليه.

(وما أنزل الله من السماء من ماء) أي المطر الذي به حياة العالم وإخراج النبات والأرزاق (فأحيا به الأرض) أي أظهر نضارتها وحسنها (بعد موتها) أي بعد يبسها وجدبها، سماه موتاً مجازاً، والآية في هذين الله جعله سبباً لإحياء الجميع من حيوان ونبات ونزوله عند وقت الحاجة إليه بمقدار المنفعة وعند الاستسقاء والدعاء، وإنزاله بمكان دون مكان (وبث فيها) أي في الأرض (من كل دابة) قال ابن عباس: يريد كل ما دب على وجه الأرض من جميع الخلق من الناس وغيرهم، والآية في ذلك أن جنس الإنسان يرجع إلى أصل واحد وهو آدم مع ما فيهم من الاختلاف في الصور والأشكال والألوان والألسنة، والطبائع والأخلاق والأوصاف إلى غير ذلك، ثم يقاس على بني آدم سائر الحيوان، والبث النشر، والظاهر أن قوله (بث) معطوف على

<<  <  ج: ص:  >  >>