العلم منها لا سيما أهل الحديث مباحث طوّلوها بذكر آيات قرآنية، وأحاديث صحيحة، وقد وقفت من ذلك على مؤلف بسيط. في مجلد جمعه مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي، استوفى فيه كل ما فيه دلالة على الجهة. من كتاب أو سنة أو قول صاحب.
والمسألة أوضح من أن تلتبس على عارف، وأبين من أن يحتاج فيها إلى التطويل، ولكنها لما وقعت فيها تلك القلاقل، والزلازل الكائنة بين بعض الطوائف الإسلامية، كثر الكلام فيها، وفي مسئلة الاستواء، وطال خصوصاً بين الحنابلة وغيرهم من أهل المذاهب، فلهم في ذلك تلك الفتن الكبرى، والملاحم العظمى، وما زالوا هكذا في عصر بعد عصر، والحق هو ما عرفناك من مذهب السلف الصالح، فالاستواء على العرش، والكون في تلك الجهة، قد صرح به القرآن الكريم في مواطن يكثر حصرها، ويطول نشرها، وكذلك صرح به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غير حديث، بل هذا مما يجده كل فرد من أفراد المسلمين في نفسه، ويحسه في فطرته، وتجذبه إليه طبيعته كما تراه في كل من استغاث بالله سبحانه. والتجأ إليه.
ووجه أدعيته إلى جنابه الرفيع وعزه المنيع، فإنه يشير عند ذلك بكفه أو يرمي إلى السماء بطرفه، ويستوي في ذلك عند عروض أسباب الدعاء وحدوث بواعث الاستغاثة ووجود مقتضيات الانزعاج، وظهور دواعي الالتجاء عالم الناس وجاهلهم والماشي على طريقة السلف والمقتدي بأهل التأويل القائلين بأن الاستواء هو الاستيلاء، كما قاله جمهور المتأولين أو الإقبال كما قاله أحمد بن يحيى ثعلب، والزجاج، والفراء وغيرهم، أو كناية عن الملك والسلطان كما قاله آخرون. فالسلامة والنجاة في إمرار ذلك على الظاهر، والإذعان بالاستواء والكون على ما نطق به الكتاب والسنة من دون تكييف ولا تكلف، ولا قيل ولا قال، ولا فضول في شيء من المقال.
فمن جاوز هذا المقدار بإفراط أو تفريط فهو غير مقتد بالسلف، ولا