زيادة في المسجد الحرام الذي يعم المسلمين نفعه، كما جعل ذلك الذي كان لهن من النفقات في تركة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مضين إلى سبيلهن فزيد إلى أصل المال فصرف لمنافع المسلمين مما يعم نفعه الجميع والله الموفق كذا قاله القرطبي.
وأعلم أن قالون همز النبي حيث وقع إلا في موضعين من هذه السورة أحدهما هذه الآية والثاني قوله:(إن وهبت نفسها للنبي) فأبدلها ياء في الوصل وهمزها في الوقف كما ذكره الشاطبي، ولم يسهلها كما سهل غيرها لأنه رأى الإبدال هنا جارياً على القياس فيه فرجحه لموافقته لغيره ولأنه أفصح من التسهيل ولذلك أنكر على من قال يا نبىء الله بالهمزة وهذا مما لا غبار عليه فلله در التنزيل، وما فيه من دقائق التأويل.
(إلا أن يؤذن لكم) استثناء مفرغ من أعم الأحوال، أي لا تدخلوها في حال من الأحوال إلا في حال كونكم مأذوناً لكم، أي إلا مصحوبين بالإذن أو إلا بأن يؤذن لكم أو إلى وقت أن يؤذن لكم وقوله:(إلى طعام) متعلق بيؤذن على تضمينه معنى الدعاء أي إلا أن يؤذن لكم مدعوين إلى طعام.
(غير ناظرين إناه) انتصاب غير على الحال، والعامل فيه يؤذي، أو مقدر.
أي: ادخلوا غير ناظرين، ومعنى ناظرين منتظرين، وإناه نضجه وإدراكه، يقال: أنى يأنى إناً إذا حان وأدرك.
قال الرازي: في الآية إما أن يكون فيه تقديم وتأخير تقديره: ولا تدخلوا إلى طعام إلا أن يؤذن لكم فلا يكون منعاً من الدخول في غير وقت الطعام بغير إذن، وإما أن لا يكون فيه تقديم وتأخير فيكون معناه: ولا تدخلوا إلا أن يؤذن لكم إلى طعام فيكون الإذن مشروطاً بكونه إلى طعام، فإن لم يؤذن إلى طعام فلا يجوز الدخول، فلو أذن لواحد في الدخول لاستماع كلام لا لأكل طعام فلا يجوز. فنقول: المراد هو الثاني ليعم النهي عن الدخول، وأما كونه لا يجوز إلا بإذن إلى الطعام فلما هو مذكور في سبي النزول أن الخطاب مع قوم كانوا يتحينون حين الطعام، ويدخلون من غير إذن فمنعوا من الدخول في وقتهم