(وأدنى أن لا ترتابوا) أي أقرب لنفي الريب في معاملاتكم أي الشك، وذلك أن الكتاب الذي يكتبونه يدفع ما يعرض لهم من الريب كائناً ما كان.
(إلا أن تكون تجارة) أي تقع أو توجد تجارة على أن كان تامة، والتجارة تقليب الأموال وتصريفها لطلب النماء والزيادة بالأرباح، والاستثناء منقطع أي لكن وقت تبايعكم وتجارتكم فإنه يجوز عدم الاستشهاد والكتب فيها، وقال أبو البقاء إنه متصل والأول أولى، وقرىء بالنصب على الناقصة أي تكون التجارة تجارة (حاضرة) بحضور البدلين وهي تعم المبايعة بعين أو دين (تديرونها بينكم) أي تتعاطونها يداً بيد، فالإدارة التعاطي والتقابض فالمراد التبايع الناجز يداً بيد.
(فليس عليكم جناح أن لا تكتبوها) أي فلا حرج عليكم إن تركتم كتابته، وإنما رخص الله في ترك الكتابة في هذا النوع من التجارة لكثرة جريانه بين الناس، فلو كلفوا الكتابة فيه لشق عليهم، ولأنه إذا أخذ كل واحد حقه في المجلس لم يكن هناك خوف الجحود فلا حاجة إلى الكتابة.
(وأشهدوا إذا تبايعتم) قيل معناه هذا التبايع المذكور هنا وهو التجارة الحاضرة على أن الإشهاد فيها يكفي، وقيل معناه أي تبايع كان حاضراً أو كالِئاً لأن ذلك أدفع لمادة الخلاف، وأقطع لمنشأ الشجار، وهذا وما قبله أمر ندب وقد تقدم قريباً ذكر الخلاف في كون هذا الإشهاد واجباً أو مندوباً.
(ولا يضارّ كاتب ولا شهيد) يحتمل أن يكون مبنياً للفاعل أو للمفعول، فعلى الأول معناه لا يضار كاتب ولا شهيد من طلب ذلك منهما إما بعدم الإجابة أو بالتحريف والتبديل والزيادة والنقصان في كتابته، ويدل على هذا قراءة عمر وابن عباس وغيرهما " لا يضارِر " بكسر الراء الأولى وعلى الثاني لا يضارَر كاتب ولا شهيد بأن يدعيا إلى ذلك وهما مشغولان بمهم لهما ويضيق عليهما في الإجابة ويؤذَيا إن حصل منهما التراخي أو يطلب منهما الحضور من مكان بعيد، ويدل على ذلك قراءة ابن مسعود " لا يضارر " بفتح الراء الأولى،