لهذا، حتَّى إنَّ هناك امرأةٌ تبرَّعت بدَمِها لمن أُصيبَ بمثل هذا، بعضُهم يقول: إنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- استضافهم فأكرموه ودعا لهم بأن يكون دَمُهُم شفاءً، هل هذا صحيح أم لا؟
الجواب: هذا ليس بصحيح أنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- استضافهم فأكرموه ودعا لهم.
أمَّا ما ذَكَرْت من أنَّ دَمَهُم يُسْتَشْفَى به، فهذا مشهور عند الناس، لكنه شرعاً لا يجوز؛ لأنَّ الدَّم حَرامٌ بنصٍّ القرآن؛ قال تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ}[المائدة: ٣]، وقال تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا}[الأنعام: ١٤٥].
وإذا كان حَراماً فإنَّه لا شفاء فيه؛ لأنَّ الله لم يجعل شفاء هذه الأُمَّة فيما حَرَّم عليها، فلذلك ننهى عن هذا الشيء، ونقول: هذا شيء لا أصل له، وقد فتح الله -له الحمد- الآن أبواباً كثيرة في الطبِّ وتنقية الدَّم، وبإمكانهم أن يذهبوا إلى المستشفيات ويُنَقُّوا دَمَهُم من هذا الدم الخبيث، أو من هذه العضَّة الخبيثة.
السائل: فضيلة الشيخ؛ إنَّهم يقولون: إنَّهم مضطرون إلى الذهاب إلى هؤلاء، وقد قال الله تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[البقرة: ١٧٣]، فما تعليق فضيلتكم على ذلك؟
الشيخ: قلت لك هذا الشيء مُحرَّم، والمُحرَّم لا يجوز إلَّا عند الضرورة، ولكن ما هي الضرورة؟ الضرورة: أن نعلم أنَّ الإنسان إذا فعل هذا الشيء زالت ضرورته، ونعلم كذلك أنَّه لا يمكن أن تزول ضرورته إلَّا بهذا الشيء، يعني ليس هناك ضرورة تُبيح المُحَرَّم إلَّا بشرطين: