للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإباحَةِ دَمِهِ، وهذا التفضُّل الإلهيُّ، والتكرُّم الرَّبانيُّ على خَلْقِه بالكثير من نِعَمِه التي منها استباحةُ إراقَةِ دِماءِ بعض الحيوانات المأذون بأَكْلِها، قَرَنَهُ الله سبحانه وتعالى وَقَيَّده بشرط ذِكْرِ اسمِه، وجعل ذِكْرَ اسمِه على ما يُذبَحُ صِنْوَ هذا التفَضُّلِ، بل مُقَدَّماً عليه بحيث إنِّه لا يَحِلُّ أكْلُ ما أحَلَّه الله إلَّا بذِكْرِ اسمِه عليه عند الذّبْح، {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١].

فقد أَوْجَبَ علينا أنْ نَذْكُرَ اسمَه على ما يُذْبَحُ، وجَعَلَ عدم ذِكْرِه عند الذَّبح خُروجاً عن طاعة الله، وأنَّ الذي يَذبحُ ولم يذكر اسمَ الله عليه فِسْقٌ لا يَحِلُّ أكْلُه. ومن هنا كان المعنى المقصود من قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: ٣]، إنَّه الحيوان الذي ذُبِحَ ولم يُذْكَرِ اسمُ الله عليه، وذُكِرَ عليه اسمُ غيرِه؛ كقولهم اسمَ اللَّاتِ، والعُزَّى برَفْعِ الصَّوتِ عند ذِكْرِ غير اسمِ الله عليه.

أمَّا الكلام عن اللُّحوم المحفوظة؛ هل هي ممَّا أُهِلَّ بِه لغير الله به أو لا؟ وهل تناولُها مباحٌ؟ فالواقع المشاهد أنَّها لم تكن ممَّا أُهِلَّ لغير الله؛ لأنَّها لم يُقْصَدْ بها غيرُ الله عند الذَّبح ولم يُسَمَّ عليها اسمٌ غيرُ اسمِ الله عليها.

وأمَّا الحُكْمُ عليها أَمُباحٌ تناولها أم لا؟

فالجواب عن ذلك: إذا تيقَّن من ذِكْرِ اسمِ الله عليها فلا مانعَ من تناولها، وإلَّا فلا يُباح تناولها. والله أعلم.

[فتاوى عبد الحليم محمود (٢/ ٢٣٤ - ٢٣٥)]

* * *

تفسير قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ .... }

(٢١٦) السؤال: أرجو منكم تفسير قول الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} [المائدة: ٣]، ثمَّ عن المتردِّية والنَّطيحَة،

<<  <  ج: ص:  >  >>