نظر»، وهو في شيءٍ خاصٍّ -أي ما تغيَّر بين الأسنان- سواء كان لحماً أو خبزاً.
وأمَّا ما تغيَّر لا بين الأسنان فلم نَرَ مَنْ قال بنجاسَتِه، على أنَّ صاحبَ (المَدْخَل) ذَكَر ما يفيد نجاسَتَه ليست لمجرَّدِ تغيُّره، بل لِمَا يَغْلِبُ عليه من مخالطَتِه لشيءٍ من دَمِ اللِّثَاتِ؛ فإنَّه قالَ: إذا عالَجَ ما بين أسنانِهِ مِنْ أَثَرِ الأكلِ وأَزالَهُ فلا يَبْلَعْهُ، فإنَّ الغالبَ مخالطَتُه لشيءٍ مِنْ دَمِ اللِّثَاتِ. انتهى.
فعَدَمُ ابتلاعِه لذلك.
وقال في (المدوَّنة): إذا مُلِّحَتْ حِيتانٌ فَأُصيبَ فيها ضَفادِعُ مَيْتةٌ، فلا بأسَ بأكْلِها؛ لأنَّها مِنْ صَيْدِ البَحْرِ. انتهى.
وسواءٌ نَتَنَتْ أم لا، ولم يقيِّدْها أحدٌ بما إذا لم تُنْتِن، وبهذا تَبيَّن أنَّ إفتاءَ من أفْتَى في المُلُوحَةِ بحُرْمَةِ الأَكْلِ لِنَتَنِها لأنَّها صارت نجسةً، خَطأٌ بَيِّنٌ.
فإنْ قلتَ: قد تقرَّر أنَّ دمَ السَّمَكِ نجسٌ، فما مُلِّحَ منه نجسٌ؛ لوجود الدَّمِ فيه.
قلتُ: لا نُسَلِّمُ أنَّ السَّمَكَ الصغيرَ الذي يُجْعَلُ مُلُوحَةً فيه دَمٌ، وإنْ سُلِّمَ فإنَّما يُحْكَمُ على دَمِ السَّمَكِ بالنَّجاسَةِ حيثُ انفصلَ عنه؛ إذْ هو حينئذٍ من الدَّمِ المسفوح، وأمَّا ما دامَ فيه فهو طاهرٌ وليس من المسفوح، فلا يكون نَجِساً، وهذا صريحٌ في كلامِهم، وبه تندفعُ المعارَضَةُ بين قولهم:«ميتةُ البحرِ طاهرةٌ»، وبين قولهم:«الدَّمُ المسفوحُ من البَحْريِّ نَجِسٌ»، والله أعلم.
[الفتاوى الأجهورية (١/ ٢٧ - ٢٨)]
* * *
أَكْلُ السَّرْدِينِ النِّيلِيِّ
(١٢٢) السؤال: هل يجوزُ أَكْلُ السَّرْدِين النِّيليِّ الذي يَرِدُ من دمياط في براميل من الخشب، زِنَةُ الواحد منها ١٢٥ أقة؟
الجواب: نعم يجوز أَكْلُه عندنا، وهو سمك طاهر. والله أعلم.