وأيضاً: قد نَقَل الشيخُ الجليلُ خليلُ بن إسحاق في (شرح المُدَوَّنة) كراهةَ غَسْل اليَد بالدَّقيق اتِّفاقاً، ولا يخالفه قول ابن وَهْبٍ عن مالكٍ أنَّه لا بأس أن يتوضَّأ ويتدلَّك بالفُول والجُلُبَّان (١)، وما أشبهه من الطَّعام؛ لأنَّ «لا بأس» الأصل استعمالُها فيما غيرُه منه خيرٌ، ولذا قال ابن رُشدٍ -في قول مالكٍ:«لا بأس أن يُكْنَى الصَّبيُّ» -: فإنَّ تعبيره بـ «لا بأس» يدلُّ على أنَّ تَرْكَ تَكنِيَته خيرٌ من فِعْلها؛ فقول الفاكِهانيِّ: إنَّ قول مالكٍ هذا نصٌّ في الإباحة والجواز، ليس على ما ينبغي، وقد أشار إلى ذلك الأَقْفَهْسِيُّ وابنُ عُمَر ومن وافقهما، وكلامُ ابن عَرَفَةَ أيضاً يُفيدُ ردَّ ما ذَكَرَه، بل يُفيدُ أنَّه لا يوجد رواية في جواز الغَسْل بالنُّخالَة، فَضْلاً عن الطعام.
(١) الجُلُبَّان: نوع من النبات الحَوْليِّ من الفصيلة القَرْنيَّة، تؤكل بُذورُه، يشبه الماش. انظر: المحيط في اللغة (٢/ ١٢٠)، المعجم الوسيط (١/ ١٢٨).